كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 14)
رصين الأسلوب ومتناسق الآيات والسور.
د - نزول القرآن على سبعة أحرف:
لقد كان للعرب لهجات شتى، فكل قبيلة لها من اللحن في كثير من الكلمات ما ليس للآخرين، إلا أنّ قريشا من بين العرب قد تهيّأت لها عوامل جعلت للغتها الصدارة بين فروع العربية الأخرى، فكان طبيعيا أن يتنزّل القرآن بلغة قريش تأليفا للعرب وتحقيقا لإعجاز القرآن ... فقد أخرج أبو داود من طريق كعب الأنصاري أن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه كتب إلى ابن مسعود رضي اللّه عنه:" إنّ القرآن نزل بلسان قريش، فأقرئ الناس بلغة قريش ... ". ولقد كان واضحا لكبار الصحابة رضوان اللّه عليهم أنّ القرآن إنما نزل بلسان قريش قوم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وفي ذلك حكم جليلة أهمها:
1 - أنّ قريشا هم قوم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وقد جرت سنّة اللّه في رسله أن يبعثهم بألسنة أقوامهم، قال تعالى: وما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ... ، [إبراهيم: 4].
2 - أنه عليه الصلاة والسلام قد أمر بتبليغهم الرسالة أولا، قال تعالى: وأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)، [الشعراء: 214]. فلا بد من مخاطبتهم بما يألفون ويعرفون ليستبين لهم أمر دينهم. فأنزل اللّه القرآن بلغتهم وأساليبهم التي يفضلونها في مستوى رفيع من البلاغة لا يجارى.
3 - إنّ لغة قريش هي أفصح اللغات العربية وهي تشمل معظم هذه اللغات لاختلاط قريش بالقبائل ولاحتوائها الجيّد الفصيح من لغاتها.
وإذا كان العرب تتفاوت لهجاتهم في المعنى الواحد بوجه من وجوه التفاوت، فكان لا بد للقرآن أن يكون مستجمعا وشاملا لهذه اللهجات مما ييسر على العرب القراءة والحفظ والفهم. ونصوص السنّة قد تواترت بأحاديث نزول القرآن على سبعة أحرف.
عن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه قال:" سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فكدت أساوره في الصلاة. فتصبّرت حتى سلّم فلبّبته بردائه فقلت من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ، قال: أقرأنيها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فقلت له