كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 14)

وقيل: معناه: ورب قرية. والأول أولى، لأنه أوكد في الزجر.
وقوله: «أَهْلَكْتُهَا» قرأ أبو عمرو ويعقوب «أَهْلَكْتُها» بالتاء، وهو اختيار أبي عبيد لقوله: {فَأمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ} وقرأ ابن كثير وأهل الكوفة والمدينة «أَهْلَكْنَاهَا» .
قوله: {وَهِيَ ظَالِمَةٌ} جملة حالية من هاء «أَهْلَكْنَاهَا» .
وقوله: {فَهِيَ خَاوِيَةٌ} عطف على «أَهْلَكْتُها» ، فيجوز أن تكون في محل رفع لعطفها على الخبر على القول الثاني، وأن لا تكون لها محل لعطفها على الجملة المفسرة على القول الأول. وهذا عنى الزمخشري بقوله: والثانية - يعني قوله: «فَهِيَ خَاوِيَةٌ» - لا محل لها، لأنها معطوفة على «أَهْلَكْنَاهَا» وهذا الفعل ليس له محل. تفريعاً على القول بالاشتغال، وإلا إذا قلنا إنه خبر لكان له محل ضرورة.
فصل
المعنى: وكم من قرية أهلكتها (أي أهلها) لقوله: «وَهِيَ ظَالِمَةٌ» ، أي: وأهلها ظالمون، «فَهِيَ خَاوِيَةٌ» ساقطة «عَلَى عُرُوشِهَا» على سقوفها.
قال الزمخشري: كل مرتفع أظلك من سقف بيت أو خيمة أو ظلة فهو عرش، والخاوي: الساقط من خوى النجم: إذا سقط، أو من خوى المنزل: إذا خلا من أهله. فإذا فسرنا الخاوي بالساقط كان المعنى أنها ساقطة على سقوفها، أي: خرت سقوفها على الأرض، ثم تهدمت حيطانها، فسقطت فوق السقوف. وإن فسرناه بالخالي كان المعنى أنها خلت من الناس مع بقاء عروشها وسلامتها ويمكن أن يكون خبراً بعد خبر، أي: هي خالية وهي على عروشها، يعني أن السقوف سقطت على الأرض فصارت في قرار الحيطان، وبقيت الحيطان قائمة، فهي مشرفة على السقوف الساقطة. قوله: «وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ» عطف على «قَرْيَةٍ» ، وكذلك «قَصْرٍ» أي: وكأيٍّ من بئر وقصر أهلكناهما. وقيل: يحتمل أن تكون معطوفة وما بعدها على «عُرُوشِها» أي: خاوية على بئر وقصر أيضاً، وليس بشيء.

الصفحة 108