كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 14)

ساكن، وجعل ذلك عبرة لمن اعتبر، وهذا يدل على أن تفسير «على» ب «مع» أولى، لأن التقدير: وهي خاوية مع عروشها. قيل: إنَّ البئر المعطلة والقصر المشيد باليمن، أما القصر على قُلَّة جبل والبئر في سفحه، ولكل واحد منهما قوم في نعمة فكفروا فأهلكهم الله، وبقي البئر والقصر خاليين. وروى أبو روق عن الضحاك: أن هذه البئر بحضرموت في بلدة يقال لها حاضوراء وذلك أن صالحاً مع أربعة آلاف نفر ممن آمن به أتوا حضرموت، فلما نزلوها مات صالح فسميت بذلك لأن صالحاً حين حضرها مات، فبنوا قوم صالح حاضوراء، وقعدوا على هذه البئر، وأمروا عليهم جلهس بن جلاس، وجعلوا وزيره سنحاريب، فأقاموا بها زماناً ثم كفروا وعبدوا صنماً، فأرسل الله إليهم حنظلة بن صفوان، وكان حمّالاً فيهم، فقتلوه في السوق، فأهلكهم الله وعطّل بئرهم وخرب قصورهم.
قال الإمام أبو القاسم الأنصاري: وهذا عجيب، لأني زرت قبر صالح بالشام في بلدة يقال لها: عكا، فكيف يقال: إنه بحضرموت.
قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأرض} الآية. يعني كفار مكة أفلم يسيروا في الأرض فينظروا إلى مصارع المكذبين من الأمم الخالية، فذكر ما يتكامل به الاعتبار، لأن الرؤية لها حظّ عظيم في الاعتبار، وكذلك سماع الأخبار ولكن لا يكمل هذان الأمران إلا بتدبير القلب، لأن من عاين وسمع ولم يتدبر ولم يعتبر لم ينتفع، فلهذا قال: {فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي فِي الصدور} .
قوله: «فَتَكُونَ» منصوب على جواب الاستفهام، وعبارة الحوفي على جواب التقرير. وقيل: على جواب النفي وقرأ مبشر بن عبيد: «فَيَكُونَ» بالياء من

الصفحة 110