كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 14)

قوله: «مِنَ البَعْثِ» . يجوز أن يتعلق ب «رَيْبٍ» ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أنه صفة ل «ريب» . وقرأ الحسن «البَعَثِ» بفتح العين، وهي لغة كالطَّرَدِ والحَلَبِ في الطَّرْد والحَلْب بالسكون. قال أبو حيان: والكوفيون إسكان العين عندهم تخفيف فيما وسطه حرف حلق كالنَّهْر والنَّهَر، والشَّعْر والشَّعَر، والبصريون لا يقيمونه، وما ورد من ذلك هو عندهم مما جاء فيه لغتان. وهذا يوهم ظاهره أن الأصل: البعث - بالفتح - وإنما خفف، وليس الأمر كذلك وإنما محل النزاع إذا سمع الحلقي مفتوح العين هل يجوز تسكينه أم لا؟ لا أنه كلما جاء ساكن العين من ألحقها يدعي أن أصلها بالفتح كما هو ظاهر عبارته.
قوله: {فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ} أي: خلقنا أصلكم وهو آدم من تراب نظيره قوله: {كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ} [آل عمران: 59] وقوله: «مِنْهَا خَلَقْنَاكُم» . ويحتمل أن خلقة الإنسان من المني ودم الطمث وهما إنما يتولدان من الأغذية، والأغذية إما حيوان أو نبات وغذاء الحيوان ينتهي إلى النبات قطعاً للتسلسل والنبات إنما يتولد من الأرض والماء فصحّ قوله: {إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ} .
فصل
قال النووي في التهذيب: التراب معروف؛ والمشهور الصحيح الذي قاله الفراء والمحققون أنه جنس لا يثنى ولا يجمع. ونقل أبو عمر الزاهد في شرح الفصيح

الصفحة 17