كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 14)

والحسن بفتح العين، وهو مصدر بمعنى التعطف، وصفه بالقسوة.
قوله: «لِيُضلَّ» متعلق إما ب «يُجَادِلُ» ، وإما ب «ثاني عِطْفِه» وقرأ العامة بضم الياء في «يُضِلّ» والمفعول محذوف أي: ليضل غيره. وقرأ مجاهد وأبو عمرو في رواية بفتحها، أي: ليضل هو في نفسه.
قوله: {لَهُ فِي الدنيا خِزْيٌ} هذه الجملة يجوز أن تكون حالاً مقارنة أي: مستحقاً ذلك، وأن تكون حالاً مقدرة، وأن تكون مستأنفة. وقرأ زيد بن علي «وأُذِيْقُه» بهمزة المتكلم، و «عَذَابَ الحَرِيْق» يجوز أن يكون من باب إضافة الموصوف لصفته إذ الأصل العذاب الحريق أي: المحرق كالسميع بمنع المسمع.
فصل
قال أبو مسلم: الآية الأولى واردة في الأتباع المقلدين، وهذه الآية ورادة في المتبعة عن المقلدين، فإن كلا المجادلين جادل بغير علم وإن كان أحدهما تبعاً والآخر متبوع، وبين ذلك قوله: {وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ} فإن مثل ذلك لا يقال في المقلد وإنما يقال فيمن يخاصم بناء على شبهة. فإن قيل: كيف يصح ما قلتم والمقلد لا يكون مجادلاً؟ قلنا: يجادل تصويباً لتقليده، وقد يورد الشبهة الظاهرة إذا تمكن منها وإن كان معتمده الأصلي هو التقليد. وقيل: إن الآية الأولى نزلت في النضر بن الحارث، وهو قول ابن عباس وفائدة التكرير المبالغة في الذم، وأيضاً: قد ذكر

الصفحة 27