كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 14)

الرابع: أن يرتفع «كثير» على الابتداء أيضاً ويكون خبره «مِنَ النَّاسِ» أي من الناس الذين هم الناس على الحقيقة، وهم الصالحون والمتقون.
الخامس: أن يرتفع بالابتداء أيضاً ويبالغ في تكثير المحقوقين بالعذاب فيعطف «كَثِيرٌ» على «كثير» ثم يخبر عنهم ب {حَقَّ عَلَيْهِ العذاب} ، ذكر ذلك الزمخشري كما تقدم.
قال أبو حيان بعد أن حكى عن الزمخشري الوجهين الأخيرين قال: وهذان التخريجان ضعيفان. (ولم يبين وجه ضعفهما) . قال شهاب الدين: أما أولهما فلا شك في ضعفه إذ لا فائدة طائلة في الإخبار بذلك، وأما الثاني فقد يظهر، وذلك أن التكرير يفيد التكثير وهو قريب من قولهم: عندي ألف وألف، وقوله:
3752 - لَوْ عُدَّ قَبْرٌ وَقَبْرٌ كُنْتَ أَكْرَمَهُمْ ... وقرأ الزُّهري «وَالدَّواب» مخفف الباء، قال أبو البقاء: ووجهها أنَّه حذف الباء الأولى كراهية التَّضعيف والجمع بين ساكنين. وقرأ جناح بن حبيش: «وكَبِيرٌ» بالباء الموحدة.
وقرئ «وَكَثِيرٌ حَقًّا» بالنصب، وناصبه محذوف وهو الخبر تقديره: وكثير حق عليه العذاب حقاً، و «العَذَابُ» مرفوع بالفاعلية. وقرئ «حُقَّ» مبنياً للمفعول. وقال ابن عطية: {وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ العذاب} يحتمل أن يكون معطوفاً على ما تقدم أي: وكثير حق عليه العذاب يسجد أي كراهية وعلى رغمه إما بظله وإما بخضوعه عند المكاره. فقوله: معطوف على ما تقدم يعني عطف الجمل لا أنه هو وحده عطف على ما قبله بدليل أنه قدره المبتدأ وخبره قوله: يسجد.

الصفحة 45