كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 14)

{لِمَن يَكْفُرُ بالرحمن لِبُيُوتِهِمْ} [الزخرف: 33] ، ولكن لا بد في بدل الاشتمال من رابط، فقالوا: هو مقدر تقديره: من غمها.
والثاني: أنه مفعول له، ولما نقص شرط من شروط النصب جر بحرف السبب. وذلك الشرط هو عدم اتحاد الفاعل، فإن فاعل الخروج غير فاعل الغم، فإن الغم من النار والخروج من الكفار. واعلم أن الإعادة لا تكون إلا بعد الخروج، والمعنى: كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم فخرجوا أعيدوا فيها. ومعنى الخروج ما يروى عن الحسن: أن النار تضربهم بلهبها فترفعهم حتى إذا كانوا في أعلاها ضُرِبُوا بالمقامع فهووا فيها سبعين خريفاً.
قوله: «وَذُوقُوا» منصوب بقول مقدر معطوف على «أُعِيدُوا» أي: وقيل لهم: {ذُوقُواْ عَذَابَ الحريق} ، أي: المُحْرِق مثل الأليم والوجيع. قال الزجاج: هو لأحد الخصمين، وقال في الخصم الآخر وهم المؤمنون: {إِنَّ الله يُدْخِلُ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار} .
قوله: «يُحَلَّوْنَ» العامة على ضم الياء وفتح اللام مشددة من حلاه يُحَلِّيه إذا ألبسه الحليّ. وقرئ بسكون الحاء وفتح اللام مخففة، وهو بمعنى الأول كأنهم عدوه تارة بالتضعيف وتارة بالهمزة. قال أبو البقاء: من قولك: أُحْلي أي: أُلبس الحلي هو بمعنى المشدد.
وقرأ ابن عباس بفتح الياء وسكون الحاء وفتح اللام مخففة، وفيها ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه من حَلِيَت المرأة تَحْلَى فهي حال، وكذلك حَلِيَ الرجل فهو حال، إذا لبسا الحلي (أو صارا ذوي حليّ) .

الصفحة 51