كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 14)

دين الله وهو الإسلام، و «الحميد» هو الله المحمود في أفعاله.
قوله تعالى: {إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله} الآية. لما فصل بين الكفار والمؤمنين ذكر عظم حرمة البيت، وعظم كفر هؤلاء فقال {إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله والمسجد الحرام} وذلك بالمنع من الهجرة والجهاد.
قال ابن عباس: نزلت الآية في أبي سفيان بن حرب وأصحابه حين صدوا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عام الحديبية عن المسجد الحرام وعن أن يحجوا ويعتمروا وينحروا الهَدْي، فكره رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قتالهم وهو محرم، ثم صالحوه على أن يعود في العام القابل.
قوله: «وَيَصدُّونَ» فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه معطوف على ما قبله، وحينئذ ففي عطفه على الماضي ثلاثة تأويلات:
أحدها: أنّ المضارع قد لا يقصد به الدلالة على زمن معين من حال أو استقبال وإنما يُراد به مجرد الاستمرار، فكأنه قيل: إن الذين كفروا ومن شأنهم الصدّ عن سبيل الله، ومثله: {الذين آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ الله} [الرعد: 28] .
الثاني: أنه مؤول بالماضي لعطفه على الماضي.
الثالث: أنه على بابه فإن الماضي قبله مؤول بالمستقبل.
الوجه الثاني: أنه حال من فاعل «كَفَرُوا» ، وبه بدأ أبو البقاء. وهو فاسد ظاهراً، لأنه مضارع مثبت وما كان كذلك لا تدخل عليه الواو وما ورد منه على قلته مؤول، فلا يحمل عليه القرآن. وعلى هذين القولين فالخبر محذوف، واختلفوا

الصفحة 56