كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 14)

سَوَادَ وَجْهٍ وَبَيَاضَ عَيْنَيْنِ ... وتقدم تحقيق هذا في البقرة عند قوله: {وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ الله} [البقرة: 211] .
قوله: {وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً} الآية. قال بعض العلماء: هذا في التوبة عن غير ما سبق ذكره في الآية الأولى من القتل والزنا، أي: تاب من الشرك وأدى الفرائض ممن لم يقتل ولم يزن {فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى الله} يعود إليه بعد الموت «مَتَاباً» حسناً يفضل على غيره ممن قتل وزنا. فالتوبة الأولى وهي قوله: «وَمَنْ تَابَ» رجوعٌ عن الشرك، والثاني رجوع إلى الله للجزاء والمكافأة.
وقيل: هذه التوبة أيضاً عن جميع السيئات، ومعناه من أراد التوبة وعزم عليها فليتب لوجه الله، فقوله: {يَتُوبُ إِلَى الله} خبر بمعنى الأمر، أي: ليتب إلى الله، وقيل: معناه وليعلم أن توبته ومصيره إلى الله.
قوله
: {والذين لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ} وجهان:
أحدهما: أنه مفعول به، أي: لا يحضرون الزُّور، وفسر بالصَّنم واللهو. وقال أكثر المفسرين: يعني: الشرك.
والثاني: أنه مصدر، والمراد شهادة الزُّور، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه. قاله علي بن أبي طالب.
وقال ابن جريج: الكذب. وقال مجاهد: أعياد المشركين. وقيل: النوح. وقال قتادة: لا يساعدون أهل الباطل على باطلهم. وكل هذه الوجوه محتملة.
وأصل «الزُّور» : تحسين الشيء ووصفه بخلاف صفته، فهو تمويه الباطل بما يوهم أنه حق.
قوله: {وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ} أي: بأهله. قال مقاتل: إذا سمعوا من الكفار الشتم

الصفحة 574