كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 14)
وهذا مذهب ابن عمر وعمر بن عبد العزيز وأبي حنفية وإسحاق الحنظلي.
وقال عبد الرحمن بن سابط: كان الحجاج إذا قدموا مكة لم يكن أحد من أهل مكة أحق بمنزله منهم. وكان عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - ينهى الناس أن يغلقوا أبوابهم في الموسم وعلى هذا فالمراد ب «المَسْجِدِ الحَرَامِ» الحرم كله؛ لأن إطلاق لفظ المسجد الحرام وإرادة البلد الحرام جائز لقوله تعالى
{سُبْحَانَ الذي أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المسجد الحرام} [الإسراء: 1] . وأيضاً فقوله: «العَاكِفُ» المراد منه المقيم، وإقامته لا تكون في المسجد بل في المنازل. وقيل: {سَوَآءً العاكف فِيهِ والباد} في تعظيم حرمته وقضاء النسك به وإليه ذهب مجاهد والحسن وجماعة، أي ليس للمقيم أن يمنع البادي وبالعكس، قال عليه السلام: «يا بَنِي عَبْدِ المُطَّلب من وُلِّي منكم من أمور الناس شيئاً فلا يمنعن أحداً طاف بهذا البيت أو صَلّى أية ساعة من ليل أو نهار» وهذا قول من أجاز بيع دور مكة.
وقد جرت مناظرة بين الشافعي وإسحاق الحنظلي بمكة وكان إسحاق لا يرخِّص في كراء بيوت مكة، فاحتج الشافعي بقوله تعالى: {الذين أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم} [الحج: 40] . فأضاف الديار إلى مالكيها أو إلى غير مالكيها. وقال عليه السلام يوم فتح مكة: «من أغلق بابه فهو آمن» ، وقوله عليه السلام: «هل ترك لنا عقيل من رباع» وقد اشترى عمر بن الخطاب دار السجن، أترى أنه اشتراها من مالكيها أو من غير مالكيها.
الصفحة 61
592