كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 14)

المضارع بعدها حتى صار علة للفعل قبله، وهذا غير لازم لما تقدم من وضوح المعنى مع جعلها ناهية.
فصل
وههنا سؤالات:
الأول: إذا قلنا: أنّ (أَنْ) هي المفسرة: فكيف يكون النهي عن الشرك والأمر بتطهير البيت تفسيراً للتبوئة؟
والجواب: أنه سبحانه لما قال: جعلنا البيت مرجعاً لإبراهيم، فكأنه قيل: ما معنى كون البيت مرجعاً له، فأجيب عنه بأن معناه أن يكون بقلبه موحداً لرب البيت عن الشريك والنظير مشتغلاً بتنظيف البيت عن الأوثان والأصنام.
السؤال الثاني: أن إبراهيم - عليه السلام - لما لم يشرك بالله فيكف قيل: {لاَّ تُشْرِكْ بِي} ؟
والجواب: المعنى: لا تجعل في العبادة لي شريكاً، ولا تشرك بي غرضاً آخر في بناء البيت.
السؤال الثالث: أنَّ البيت ما كان معموراً قبل ذلك فكيف قال: «وَطَهِّرْ بَيتِي» .
والجواب: لعل ذلك المكان كان صحراء فكانوا يرمون إليها الأقذار، فأمر إبراهيم ببناء ذلك البيت في ذلك المكان وتطهيره عن الأقذار، أو كانت معمورة وكانوا وضعوا فيها أصناماً، فأمره الله تعالى بتخريب ذلك البناء ووضع بناء جديد، فذلك هو التطهير عن الأوثان، أو يكون المراد أنك بعد أن تبنيه فطهره عما لا ينبغي من الشرك.
وقوله: «لِلطَّائِفينَ» قال ابن عباس: للطائفين بالبيت من غير أهل مكة «والقائمين» أي: المقيمين فيها، «والرُّكَّع السُّجُود» أي: المصلين من الكل، وقيل: القائمون هم المصلون.
قوله: {وَأَذِّن فِي الناس بالحج} . قرأ العامة بتشديد الذال بمعنى (ناد) .

الصفحة 69