كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 14)

وقرأ الحسن وابن محيصن «آذن» بالمد والتخفيف بمعنى أعلم. ويبعده قوله: «فِي النّاس» إذ كان ينبغي أن يتعدى بنفسه. ونقل أبو الفتح عنهما أنهما قرءا بالقصر وتخفيف الذال، وخرجها أبو الفتح وصاحب اللوامح على أنها عطف على «بَوَّأْنَا» أي: واذكر إذ بوأنا وإذ أُذن في الناس، وهي تخريج وضاح.
وزاد صاحب اللوامح فقال: فيصير في الكلام تقديم وتأخير ويصير «يأتوك» جزماً على جواب الأمر في «وَطهِّر» . وابن محصين «وآذن» بالمد: وتصحف هذا على ابن جنيّ فإنه حكى عنهما «وأَذِنَ» على أنه فعل ماض وأعرب على ذلك بأن جعله عطفاً على «بَوَّأْنَا» . قال شهاب الدين: ولم يتصحف عليه بل حكى هذه القراءة أبو الفضل الرازي في اللوامح له عنهما، وذكرها أيضاً ابن خالويه، ولكنه لم يطلع عليها، فنسب من اطّلع عليها للتصحيف، ولو تأنّى أصاب أو كاد.
وقرأ ابن ابي إسحاق «بالحجِّ» بكسر الحاء حيث وقع كما تقدم.
فصل
قال أكثر المفسرين: لما فرغ إبراهيم من بناء البيت قال الله له: {أذن في الناس بالحج} ، قال: يا رب وما يبلغ صوتي؟ قال: عليك الأذان وعليَّ البلاغ فصعد إبراهيم الصفا، وفي رواية أبا قبيس، وفي رواية على المقام. فارتفع المقام حتى صار كأطول الجبال فأدخل أصبعيه في أذنيه، وأقبل بوجهه يميناً وشمالاً وشرقاً وغرباً وقال: يا

الصفحة 70