كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 14)

يجوز أن يقال عنده: الرجال يأتين، ولا ينفعه كونه اجتمع مع الرجال هنا» كل ضامر «، فيقال جاز ذلك لما اجتمع معه ما يجوز فيه ذلك إذ يلزم منه تغليب غير العاقل على العاقل وهو ممنوع. وقال البغوي: وإنما جمع» يَأْتِين «لمكان» كُلّ «وأراد النوق. وقرأ ابن مسعود والضحاك وابن أبي عبلة» يَأْتون «تغليباً للعقلاء الذكور. وعلى هذا فيحتمل أن يكون قوله: {على كل ضامر} حالاً أيضاً، ويكون» يأتون «مستأنفاً متعلق به من كل فج أي يأتونك رجالاً وركباناً ثم قال: {يأتون من كل فج} وأن يتعلق بقوله» يأتون «أي يأتون على كل ضامر من كل فجّ، و» يأتون «مستأنف أيضاً، فلا يجوز أن يكون صفة ل» رجالاً «ول» ضامر «لاختلاف الموصوف في الإعراب؛ لأن أحدهما منصوب والآخر مجرور، ولو قلت: رأيت زيداً ومررت بعمرو العاقلين. على النعت لم يجز بل على القطع. وقد جوَّز ذلك الزمخشري فقال: وقرئ» يَأْتُون «صفة للرجال والركبان وهو مردود بما ذكرنا. والفج: الطريق بين الجبلين، ثم يستعمل في سائر الطرق اتساعاً. والعميق: البعيد سفلاً، يقال: بئر عميقة معيقة، فيجوز أن يكون مقلوباً إلا أنه أقل من الأول، قال:
3760 - إِذَا الخَيْلُ جَاءَتْ مِنْ فِجَاجٍ عَمِيقَةٍ ... يَمُدُّ بِهَا فِي السَّيْرِ أَشْعَثُ شَاحِبُ
وقرأ ابن مسعود: «مَعِيقٌ» ويقال: عمق وعمق بكسر العين وضمها عمقاً بفتح الفاء قال الليث: عميق (ومعيق، والعميق في الطريق أكثر. وقال الفراء: عميق لغة الحجاز) ومعيق لغة تميم وأعمقت البئر وأمعقتها وعَمُقَت ومَعُقَت عماقة ومعاقة وإعماقاً وإمعاقاً قال رؤبة:

الصفحة 73