كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 14)
ههنا يعني أنه في المعنى يؤول إلى ذلك ولا يؤول إليه البتة.
الثالث: أنها للتبعيض. وقد غلّط ابن عطية القائل بكونها للتبعيض فقال: ومن قال إن «من» للتبعيض قلب معنى الآية فأفسده. وقد يمكن التبعيض فيها بأن معنى الرجس عبادة الأوثان، وبه قال ابن عباس وابن جريج فكأنه قال: فاجتنبوا من الأوثان الرجس وهو العبادة لأن المحرم من الأوثان إنما هو العبادة، ألا ترى أنه قد يتصور استعمال الوثن في بناء وغيره مما لم يحرم الشرع استعماله، فللوثن جهات منها عبادتها وهي بعض جهاتها. قاله أبو حيان. والأوثان جمع وثن، والوثن يطلق على ما صُوِّر من نحاس وحديد وخشب ويطلق أيضاً على الصليب، قال عليه السلام لعدي بن حاتم وقد رأى في عنقه صليباً: «أَلْقِ هذَا الوَثَنَ عَنْكَ» وقال الأعشى:
3763 - يَطُوفُ العُفَاةُ بِأَبْوَابِهِ ... كَطَوْفِ النَّصَارَى ببَيْتِ الوَثَنْ
واشتقاقه من وَثن الشيء، أي أقام بمكانه وثبت فهو واثن، وأنشد لرؤبة:
3764 - عَلَى أَخِلاَّءِ الصَّفَاءِ الوُثَّنِ ... أي: المقيمين على العهد، وقد تقدم الفرق بين الوثن والصَّنم.
فصل
قال المفسرون: {فاجتنبوا الرجس مِنَ الأوثان} أي؛ عبادتها، أي كونوا على جانب منها فإنها رجس، أي سبب رجس وهو العذاب، والرجس بمعنى الرجز.
الصفحة 81
592