كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 14)

الطير فتفرق مُزَعاً في حواصلها، أو عصفت به الرياح حتى هوت به في بعض المطاوح البعيدة.
وإن كان مفرقاً فقد شبه الإيمان في علوّه بالسماء، والذي ترك الإيمان وأشرك بالله بالساقط من السماء والأهواء التي تتوزع أفكاره بالطير المختطفة، والشيطان الذي يطوح به في وادي الضلال بالريح التي تهوي بما عصفت به في بعض المهاوي المتلفة. والسحيق البعيد، ومنه: سَحَقَهُ الله، أي: أبعده، ومنه قول عليه السلام: «سُحْقاً سُحْقاً» أي بُعْداً بُعْداً. والنخلة السحوق الممتدة في السماء من ذلك.
قوله تعالى: {ذلك وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ الله} الآية. إعراب «ذَلِك» كإعراب «ذَلِكَ» المتقدم وتقدم تفسير الشعيرة واشتقاقها في المائدة. والمعنى: ذلك الذي ذكرت من اجتناب الرجس، وقول الزور، وتعظيم شعائر الله من تقوى القلوب.
قال ابن عباس: شعائر الله البُدْن والهدايا. وأصلها من الإشعار وهو إعلامها لتعرف أنها هَدْي، وتعظيمها استحسانها واستسمانها. وقيل: شعائر الله أعلام دينه.
وقيل: مناسك الحج.

الصفحة 84