كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 14)

القانع هو الراضي بما يدفع إليه من غير سؤال وإلحاح، والمعتر: هو الذي يعترض ويطالب ويعتريهم حالاً بعد حال فيفعل ما يدل على أنه لا يقنع بما يدفع إليه أبداً.
وقال ابن زيد: القانع المسكين، والمعتر الذي ليس بمسكين، ولا يكون له ذبيحة، ويجيء إلى القوم فيتعرض لهم لأجل لحمهم.
قوله: «كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا» . الكاف نعت مصدر أو حال من ذلك المصدر، أي مثل وصفنا ما وصفنا من نحرها قياماً سخرناها لكم نعمة منا لتتمكنوا من نحرها. «لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون» لكي تشكروا إنعام الله عليكم.
قوله: {لَن يَنَالَ الله لُحُومُهَا} العامة على القراءة بياء الغيبة في الفعلين، لأن التأنيث مجازي، وقد وجد الفصل بينهما. وقرأ يعقوب بالتاء فيهما اعتباراً باللفظ.
وقرأ زيد بن عليّ {لُحُومَهَا وَلاَ دِمَاءَها} بالنصب والجلالة بالرفع، «وَلكِنْ يُنَالُهُ» بضم الياء على أن القائم مقام الفاعل «التَّقْوَى» . و «مِنْكُم» حال من التقوى، ويجوز أن يتعلق بنفس «يناله» .
فصل
لما كانت عادة الجاهلية إذا نحروا البدن لطخوا الكعبة بدمائها قربة إلى الله عزَّ وجلَّ فأنزل الله هذه الآية {لَن يَنَالَ الله لُحُومُهَا وَلاَ دِمَآؤُهَا} . قال مقاتل: لن يرفع إلى الله لحومها ولا دماؤها. {ولكن يَنَالُهُ التقوى مِنكُمْ} أي ولكن يرفع إليه منكم الأعمال الصالحة، وهي التقوى والإخلاص وما أريد به وجه الله.
فصل
قالت المعتزلة: دلَّت هذه الآية على أمور:
أحدها: أن الذي ينتفع به فعله دون الجسم الذي ينحره.
وثانيها: أنه سبحانه غني عن كل ذلك وإنما المراد أن يجتهد العبد في امتثال أمره.

الصفحة 97