كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 14)

هذا ما أورده الكسائىّ فى أخبار إلياس واليسع عليهما السلام.
وأمّا ما حكاه الثعلبىّ- رحمه الله- فى هذه القصة، فإنه قال:
قال ابن إسحاق والعلماء من أصحاب الأخبار: لمّا قبض الله حزقيل النبىّ- عليه السلام- عظمت الأحداث فى بنى إسرائيل وظهر فيهم الفساد، ونسوا عهد الله تعالى إليهم فى التوراة حتى نصبوا الأوثان وعبدوها من دون الله- عزّ وجل- فبعث الله تعالى اليهم إلياس نبيّا. قال الثعلبىّ: وهو إلياس ابن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون عليه السلام.
قال: وإنما كانت الأنبياء بعد موسى- عليه السلام- يبعثون إليهم بتجديد ما نسوا وضيّعوا من أحكام التوراة، وبنو إسرائيل يومئذ متفرّقون فى أرض الشأم وفيهم ملوك كثيرة. وذلك أن يوشع لمّا فتح أرض الشأم بوّأها بنى إسرائيل وقسمها بينهم، فأحلّ سبطا منهم بعلبكّ ونواحيها، وهم سبط إلياس، فبعثه الله تعالى إليهم نبيّا، وعليهم يومئذ ملك يقال له «آجاب» «1» قد أضلّ قومه وجبرهم على عبادة الأصنام، وكان يعبد هو وقومه صنما يقال له «بعل» وكان طوله عشرين ذراعا، وكانت له أربعة وجوه، فجعل إلياس يدعوهم إلى عبادة الله تعالى وهم فى ذلك لا يسمعون منه شيئا إلّا ما كان من أمر الملك الذى كان ببعلبكّ فإنه صدّقه وآمن به، وكان إلياس- عليه السلام- يقوّم أمره ويسدّده ويرشده، وكان لآجاب الملك هذا امرأة يقال لها «أرايل «2» » ، وكان يستخلفها على رعيّته إذا غاب عنهم فى غزاة

الصفحة 15