كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 14)

أو غيرها، فكانت تبرز للناس كما يبرز زوجها وتركب كما يركب، وتجلس فى مجلس القضاء فتقضى بين الناس، وكانت قتّالة للانبياء، وكان لها كاتب وهو مؤمن حكيم يكتمها إيمانه، وكان الكاتب قد خلّص من يدها ثلاثمائة نبىّ كانت تريد قتل كلّ واحد منهم إذا بعث، سوى الذين قتلتهم ممن يكثر عددهم؛ وكانت فى نفسها غير محصنة ولم يكن على وجه الأرض أفحش منها، وهى مع ذلك قد تزوّجت سبعة ملوك من ملوك بنى إسرائيل وقتلتهم كلّهم بالاغتيال؛ وكانت معمّرة حتى يقال: إنها ولدت سبعين ولدا. وكان لآجاب هذا جار من بنى إسرائيل رجل صالح يقال له «مزدكى» وكانت له جنينة يعيش منها ويقبل على عمارتها ومرمّتها، وكانت الجنينة إلى جانب قصر الملك وامرأته، فكانا يشرفان على تلك الجنينة ويتنزّهان فيها، ويأكلان ويشربان ويقيلان فيها، وكان «آجاب» فى ذلك يحسن جوار «مزدكى» صاحبها ويحسن إليه، وامرأته «أرايل» تحسده على ذلك لأجل تلك الجنينة، وتحتال فى أن تغتصبها منه لمّا تسمع الناس يذكرون»
الجنينة، ويتعجّبون من حسنها ويقولون: ما أحرى أن تكون هذه الجنينة لأهل هذا القصر، ويتعجّبون من الملك وامرأته كيف لم يغصباها صاحبها. فلم تزل المرأة تحتال على العبد الصالح «مزدكى» أن تقتله وتأخذ جنينته، والملك ينهاها عن ذلك. ثم اتفق خروج الملك إلى سفر بعيد وطالت غيبته، فاغتنمت المرأة غيبة الملك واحتالت على «مزدكى» صاحب الجنينة، وهو غافل عما تريد مقبل على عبادة ربه وإصلاح جنينته، فجمعت «أرايل» جمعا من الناس وأمرتهم أن يشهدوا على «مزدكى» أنه سبّ زوجها الملك «آجاب» ، فأجابوها إلى ملتمسها من الشهادة عليه، وكان حكمهم فى ذلك

الصفحة 16