كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 14)

ويتنعّمون مملّكين، ما ينقص من دنياهم أمرهم الذى تزعم أنه باطل، وما نرى لنا عليهم من فضل.
قال: وهمّ الملك بتعذيب إلياس وقتله. فلمّا سمع إلياس- عليه السلام- ذلك وأحسّ بالشّر، رفضه وخرج عنه. فلحق بشواهق الجبال، ودعا الملك «1» الناس إلى عبادة بعل، وارتقى إلياس- عليه السلام- أصعب جبل وأشمخه، فدخل مغارة فيه. فيقال: إنه بقى فيه سبع سنين شريدا طريدا خائفا، يأوى الشّعاب والكهوف، ويأكل من نبات الأرض وثمار الشجر وهم فى طلبه قد وضعوا عليه العيون يتوكّفون «2» أخباره ويجتهدون فى أخذه، والله تعالى يستره ويدفع عنه. فلمّا تمّت له سبع سنين أذن الله تعالى فى إظهاره عليهم، وشفا غيظه منهم، فأمرض الله تعالى ابنا لآجاب الملك وكان أحبّ ولده إليه وأعزّهم عليه وأشبههم به، فأدنف «3» حتى يئس منه، فدعا صنمه بعلا؛ وكانوا قد فتنوا به وعظّموه حتى «4» جعلوا له أربعمائة سادن وكّلوهم به وجعلوهم أنبياءه، وكان الشيطان يوسوس إليهم بشريعة من الضلالة، فيبيّنونها للناس فيعملون بها، ويسمّونهم الأنبياء. فلمّا اشتدّ مرض ابن الملك طلب إليهم أن يشفعوا إلى بعل، ويطلبوا لابنه من قبله الشفاء والعافية، فدعوه فلم يجبهم، ومنع الله تعالى بقدرته الشيطان عن صنمهم فلم يمكنه الولوج فى جوفه، وهم مجتهدون فى التضرّع إليه، وهو لا يزداد مع ذلك إلّا خمودا «5» . فلمّا طال عليهم ذلك قالوا لآجاب: إن فى ناحية الشأم آلهة أخرى، وهى

الصفحة 18