كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 14)

فى العظم مثل إلهك، فابعث إليها أنبياءك فليشفعوا لك إليها، فلعلها أن تشفع لك إلى إلهك بعل فإنه غضبان عليك، ولولا غضبه عليك لقد كان أجابك وشفى لك ابنك.
قال آجاب: ومن أجل ماذا غضب علىّ وأنا أطيعه وأطلب رضاه منذ كنت لم أسخطه ساعة قطّ؟ قالوا: من أجل أنّك لم تقتل إلياس وفرّطت فيه حتى نجا سليما وهو كافر بإلهك يعبد غيره، فذلك الذى أغضبه عليك. قال آجاب:
وكيف لى أن أقتل إلياس يومى هذا وأنا مشغول عن طلبه بوجع ابنى وليس لإلياس مطلب، ولا يعرف له موضع فيقصد، فلو عوفى ابنى لتفرّغت لطلبه، ولم يكن لى همّ ولا شغل غيره حتى آخذه فأقتله فأريح إلهى منه وأرضيه.
قال: ثم اندفعت أنبياؤه الأربعمائة ليشفعوا الى إلأرباب التى بالشأم ويسألوها أن تشفع إلى صنم الملك ليشفى ابنه، فانطلقوا حتى إذا كانوا بحيال الجبل الذى فيه إلياس أوحى الله- عزّ وجل- إلى إلياس أن يهبط من الجبل ويعارضهم ويستوقفهم ويكلّمهم، وقال له: لا تخف فإنّى سأصرف عنك شرّهم، وألقى الرعب فى قلوبهم.
فنزل إلياس- عليه السلام- من الجبل، فلمّا لقيهم استوقفهم فوقفوا، وقال لهم: إنّ الله- عزّ وجل- أرسلنى إليكم وإلى من وراءكم، فاستمعوا أيّها القوم رسالة ربكم لتبلغوا صاحبكم، فارجعوا إليه وقولوا له: إنّ الله تعالى يقول لك:
ألست تعلم يا آجاب أنّى أنا الله لا إله إلّا أنا إله بنى إسرائيل الذى خلقهم ورزقهم وأحياهم وأماتهم، أفجهلك وقلّة علمك حملك على أن تشرك بى وتطلب الشفاء لابنك من غيرى ممن لا يملكون لأنفسهم شيئا إلّا ما شئت. إنى حلفت باسمى لأغيظنّك فى ابنك ولأميتنّه فى فوره هذا حتى تعلم أنّ أحدا لا يملك له شيئا دونى.
فلمّا قال لهم إلياس هذا رجعوا وقد ملئوا منه رعبا. فلمّا صاروا إلى الملك قالوا له ذلك، وأخبروه أنّ إلياس انحطّ عليهم، وهو رجل نحيف طوال قد قشف

الصفحة 19