كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 14)

ذكر خبر حزقيل عليه السلام
قال أبو إسحاق الثعلبىّ- رحمه الله تعالى- قالت العلماء: لمّا قبض الله تعالى كالب وابنه، بعث الله- عزّ وجل- حزقيل «1» إلى بنى إسرائيل، وهو حزقيل بن بوذى، ويلقّب بابن العجوز.
قال: وإنما لقّب بذلك لأن أمّه سألت الله تعالى الولد وقد كبرت وعقمت، فوهبه الله تعالى لها، وهو الذى أحيا الله تعالى القوم بعد وفاتهم بدعائه، وهم الذين قال الله تعالى فيهم: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ «2» .
قال قال أكثر المفسرين: كانت قرية يقال لها داوردان «3» قبل واسط وقع بها الطاعون، فخرج منها طائفة هاربين من الطاعون وبقيت طائفة، فهلك أكثر من بقى فى القرية، وسلم الذين خرجوا، فلمّا ارتفع الطاعون رجعوا سالمين. فقال الذين بقوا:
أصحابنا كانوا أحزم منّا، لو صنعنا كما صنعوا لبقينا، ولئن وقع الطاعون بها ثانية لنخرجنّ إلى الأرض التى لا وباء فيها. فوقع الطاعون من قابل. فهرب عامّة أهلها، فخرجوا حتى نزلوا واديّا أفيح «4» ، فلمّا نزلوا المكان الذى يبغون فيه الحياة والنجاة، إذا هم بملك من أسفل الوادى وآخر من أعلاه يناديهم كل واحد منهما أن موتوا «5» فماتوا.

الصفحة 6