الهلاك عَلَى الكفر، ومتعناهم إلى حين فهذا كله من المكتوب في بطن أمه أي الأجلين استحق، لا يؤخر عنه، ويؤيده قوله تعالى: {يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الكِتَابِ (39)} [الرعد: 39] وقد روي عن عمر ما هو تفسير لهذِه الآية أنه كان يقول في دعائه: اللَّهُمَّ إن كنت كتبتني عندك شقيًّا فامحني واكتبني سعيدًا، فإنك تقول: {يَمحُواْ اَللَّهُ} الآية (¬1). وفي الحديث الحض عَلَى صلة الرحم.
قَالَ الداودي: وفيه: دليل عَلَى فضل الكفاف. والزيادة كما أسلفناه مؤولة بأنه سبق في علم الله أن سيكون، وقيل: الزيادة حقيقة لو لم يصل عمره رحِمَه ما زيدها في أجله، وليس في قوله تعالى: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (34)} [الأعراف: 34] ما يدفعه؛ لأن معناه الأجل الذي يكون بصلة الرحم لا كالذي يكون بقطعها، وكذا الكلام في الرزق ودعاء الشارع لأنس: "اللَّهُمَّ أكثر ماله وولده" (¬2) فأجيبت دعوته ولولاها لم يكن بتلك الكثرة، فلما كان الدعاء يزيد في الرزق ويدفع البلاء
¬__________
(¬1) رواه الطبري في "تفسيره" 7/ 401 (20481)، وابن بطة في "الإبانة" 2/ 131 - 132 (1565)، واللالكائي في "شرح الأصول" 4/ 735 (1206 - 1207).
وقد سئل شيخ الإسلام: هل شرع في الدعاء أن يقول: اللهم إن كنت كتبتني كذا
فامحني واكتبني كذا فإنك قلت: {يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الكِتَابِ (39)}؟ وهل صح أن عمر كان يدعو بمثل هذا؟ وهل الصحيح عندكم أن العمر يزيد بصلة الرحم، كما جاء في الحديث؟ أفتونا مأجورين.
فأجاب رضي الله عنه بما يفهم منه صحة هذا الأثر عن عمر وأن ذلك في أجل الموت الذي يعرفه الملائكة. أما الأجل المسمى فهو وقت الساعة الذي لا يعرفه إلا الله. انظر: "مجموع الفتاوى" 14/ 488 - 492.
(¬2) يأتي برقم (6378 - 6379) كتاب: الدعوات باب: الدعاء بكثرة المال والولد مع البركة، ورواه مسلم (2480) كتاب: فضائل الصحابة، باب: فضائل أنس بن مالك.