وفيه: أخذ الحذر مع الإيمان بالقدر.
وقوله: ("مَا أَرْسَلْتُمْ إِلَيَّ إِلَّا شَيْطَانًا") أي: لأجل الحيلولة التي وقعت بينهما حال دونها إخوانها من الشياطين، وجاء في بعض الروايات لما قبضت يده عنها قال لها: "ادعي لي" (¬1) فقال ذلك لئلَّا تحدث بما ظهر من كرامتها، فيعظم في نفوس الناس وتتبع، فلبس على السامع فذكر الشيطان.
وقول ابن عوف لصهيب: (اتق الله ولا تدّع إلى غير أبيك)، أراد عبد الرحمن أن يدعوه لأبيه إن عرفه، ولم ينسب إلى الروم: لقوله: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب: 5] فذكر صهيب أنه لا يعرف أباه، وانتسب إلى مواليه.
وحديث حكيم سلف في الزكاة (¬2).
وقوله هنا: (كُنْتُ أَتَحَنَّتُ -أَوْ أَتَحَنَّثُ- بِهَا فِي الجَاهِلِيَّةِ) كذا في الأولى بالمثناة. قال عياض: وهو غلط من جهة المعنى، وأما الرواية فصحيحة، والوهم فيه من شيوخ البخاري بدليل (أو أتحنث) بعده على الشك، والذي رواه الكافة بالمثلثة، وكذا قال ابن التين: ضبط في الأول بالمثناة، وصوابه بالمثلثة كما في الثاني، أي: أتعبد، ولم يذكره أحد من أهل اللغة بالمثناة كما في حديث الوحي: كان يأتي حراء فيتحنث فيه. أي: يتعبد (¬3)، وقال أبو العباس: أي: يفعل فعلًا يخرج به من الحنث، كتأثم وتحرج، زاد القزاز: وتحوب أي: ألقى
¬__________
(¬1) ستأتي برقم (3358) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول الله -عز وجل-: {وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125].
(¬2) برقم (1436) باب: من تصدق في الشرك ثم أسلم.
(¬3) سلف برقم (3) كتاب: بدء الوحي.