فائدة أخرى:
صح أن أشدَّ الناس يوم القيامة عذابًا المصور، ومقتضاه: أن لا يكون في النارِ أحد يزيد عذابه على عذابه، وظاهره مخالفة قوله تعالى: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: 46] وقوله - عليه السلام -: "أشد الناس عذابًا عالم لم ينفعه الله تعالى بعلمه" (¬1) وقوله: "أشد الناس عذابًا يوم القيامة إمام ضلالة" (¬2) في إشباه لذلك ولا مخالفة؛ لأنَّ الناس الذين أضيف إليهم "أشد" لا يراد بهم كل نوع الناس، بل بعضهم المشاركون في ذلك المعنى المتوعد عليه بالعذاب، ففرعون أشد المدعين للإلهية عذابًا. ومن يقتدى به في ضلالة كفره، أشد ممن يقتدى به في ضلالة بدعة، ومن صور صورًا ذات أرواح أشد عذابًا ممن يصور ما ليس بذي روح، فيجوز أن يعني بالمصورين: الذين يصورون الأصنام للعبادة، كما كانت الجاهلية تفعل، وكما تفعل
¬__________
(¬1) رواه الطبراني في "الصغير" 1/ 305 (507) عن أبي هريرة بلفظ: عالم لم ينفعه علمه. وابن عدي في "الكامل" 6/ 269، البيهقي في "الشعب" 2/ 284 - 285 (1778) الثلاثة عن أبي هريرة.
قال الهيثمي في "المجمع" 1/ 185: رواه الطبراني في "الصغير" وفيه عثمان البري قال الفلاس: صدوق، لكنه كثير الغلط، صاحب بدعة، ضعفه أحمد والنسائي والدارقطني.
وقال الألباني في "ضعيف الجامع" (868): ضعيف جدًا. رواه الطبراني في "الصغير"، وابن عدي، والبيهقي في "الشعب".
(¬2) رواه أحمد 1/ 407 عن عبد الله، والبزار في "البحر" 5/ 138 - 139 (1728) وقال: وهذا الحديث لا نعلم أحدًا أسنده عن عاصم عن أبي وائل إلا أبان. قال الهيثمي في "المجمع" 5/ 236 رواه البزار ورجاله ثقات، وكذلك رواه أحمد. وأورده الألباني في "الصحيحة" (281).