كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 14)

على أن يكف عن دمائهم وأموالهم، فجلوا عن ديارهم، وكفى الله المؤمنين القتال، وكانت أرضوهم وأموالهم مما لم يوجف عليها بقتال مما انجلى عنها أهلها بالرعب، فصارت خالصة لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يضعها حيث شاء.
قال ابن إسحاق: ولم يسلم من بني النضير إلا رجلان أسلما على أموالهما فأحرزاها، قال: ونزلت في بني النضير سورة الحشر إلى قوله: {وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ الجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا} (¬1) [الحشر: 3] أي: بالقتل والسبي، ولهم مع ذلك في الآخرة عذاب النار. وقوله: {لِأَوَّلِ الحَشْرِ} [الحشر: 2] يعني: الشام الذي جلا أكثرهم إليه؛ لأنه روى في الحديث أنه تجيء نار تحشر الناس إلى الشام (¬2)، ولذلك قيل في الشام: إنها أرض المحشر (¬3).
¬__________
(¬1) انظر: "سيرة ابن هشام" 3/ 194 وفيه أنها نزلت بأسرها.
(¬2) رواه الترمذي (2217)، أحمد 2/ 8 وأبو يعلى في "مسنده" 9/ 405 (5551)، عن ابن عمر بلفظ: "تخرج نار من حضرموت فتسوق الناس" قلنا: يا رسول الله، ما تأمرنا؟ قال: "عليكم بالشام".
وقال الترمذي: حسن غريب صحيح.
وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/ 6 أو قال: رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح.
وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" (1805).
(¬3) في هامش الأصل: ثم بلغ في الستين. كتبه مؤلفه.

الصفحة 577