كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 14)

الحديث، وذكر له مسلم حديثًا آخر في الجنائز، رواه عنه ابن جريج (¬1).
وأما ابن التين فقال نقلًا عن أبي الحسن القابسي وغيره: هو عبد الله بن كثير أحد القراء السبعة، وليس له في البخاري غير هذا الحديث، وليس لأحد فيه رواية من القراء السبعة إلا هو وابن أبي النجود في المتابعة، قال: وقوله هذا غير صحيح، وإنما هو ما تقدم (¬2)، وهو أبو معبد القاري، ووقع في "المدونة": عبد الله بن أبي كثير (¬3)، وغلط فيه، وصوابه: حذف أبي.
إذا عرفت ذلك فالسلم والسلف بمعنى، سمي سلمًا لتسليم رأس المال في المجلس، وسلفًا لتقدمه، ويطلق أيضًا على القرض كما قاله الأزهري (¬4).
قال الماوردي: والسلم لغة حجازية، والسلف لغة عراقية (¬5).
قلت: قد ثبتا في الحديث كما ذكرته لك. وفي "غريب الحديث" للخطابي أن ابن عمر كان يكره أن يقال: السلم بمعنى السلف، وكان يقول: الإسلام لله، ضَنَّ بالاسم الذي هو موضوع للطاعة أن يمتهن
في غيرها، وصيانة عن أن يبذل فيما سواها (¬6).
¬__________
(¬1) "مسلم" 974/ 103 باب: ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، وانظر ترجمته في "الجرح والتعديل" 5/ 144 ترجمة (673)، "صحيح ابن حبان" 7/ 53، و"تهذيب الكمال" 15/ 464 ترجمه (3498).
(¬2) قلت: قال الحافظ في "تهذيب التهذيب" 2/ 408: والذي قاله القابشي هو الذي عليه عمل الجمهور، والله أعلم. اهـ.
(¬3) "المدونة" 3/ 122.
(¬4) "تهذيب اللغة" 2/ 1743 مادة: (سلم).
(¬5) "الحاوي" 5/ 388.
(¬6) "غريب الحديث" 1/ 665.

الصفحة 623