كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 14)

قَالَ: سبحان الله إنما سمعت شيئًا فأحببت أن أتثبت (¬1)، وفي أبي داود: فقال عمر لأبي موسى: إني لم أتهمك ولكن الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شديد (¬2). وفي "الموطأ": أما إني لم أتهمك، ولكن خشيت أن يتقول الناس عَلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬3).
وقال ابن عبد البر: عن بعضهم في هذا الحديث: كلنا سمعه، وقد رواه قوم عن أبي سعيد عن أبي موسى: وإنما هو من النقلة لاختلاط الحديث عليهم ودخول قصة أبي سعيد مع أبي موسى في ذَلِكَ، كلهم يقولون: عن أبي سعيد في قصة أبي موسى (¬4).
ولم يخف عَلَى عمر أصل الاستئذان فإنه ثابت بنص القرآن، وإنما خفي عليه تثليث الاستئذان فطلب تأكيده.
وفيه: إيجاب الاستئذان، والاستئناس وهو الاستئذان أيضًا في قوله تعالى: {حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا} [النور: 27] الآية. وقال بعضهم: تثليث الاستئذان مأخوذ من قوله تعالى: {ثَلَاثَ مَرَّاتٍ} [النور: 58] أي: ثلاث دفعات، فورد القرآن في المماليك والصبيان، والسنة في الجميع.
قَالَ أبو عمر: وهذا وإن كان له وجه فإنه غير معروف عن العلماء في تفسير الآية الكريمة، والذي عليه جمهورهم في قوله: {ثَلَاثَ مَرَّاتٍ} [النور: 58] أي: ثلاثة أوقات، ويدل عَلَى صحة هذا القول ذكره فيها {مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الفَجْرِ} [النور: 58] الآية (¬5).
وفيه: أن الرجل العالم قد يوجد عند من هو دونه في العلم ما ليس عنده، إذا كان طريق ذَلِكَ العلم السمع، وإذا جاز هذا عَلَى عمر فما
¬__________
(¬1) مسلم (2153) كتاب: الأدب، باب: الاستئذان.
(¬2) أبو داود (5183).
(¬3) "الموطأ" ص 597.
(¬4) "التمهيد" 3/ 191.
(¬5) "التمهيد" 3/ 191 - 192.

الصفحة 84