كتاب سلسلة جهاد شعب الجزائر (اسم الجزء: 14)

لمصاف العبادة، وأنه إذا كانت هناك وطنية صحيحة، فيجب أن لا ننسى أن هناك بجانبها وطنية مزيفة. إن حقوق الوطن يجب أن تكون محدودة لأن فوقها حقوقا أخرى أعلى منها هي حقوق الرب، ويجب أن لا يخلط بين النوعين، كذلك يجب التدليل على أن المسيحية، أكثر من اهتمامها بمفهوم الوطنية، تعنى على وجه أخص بمفهوم حقوق الإنسان، أي الإنسان المطلق، أي الإنسانية جمعاء منظورا إليها كمجتمع عالمي واحد.
إن العلاقة بين مفهوم الوطن وقضية السلام أهم بكثير من العلاقة بين الوطنية وقضية الحرب، على أننا يجب أن لا ننتقل من وضع متطرف إلى آخر أكثر تطرفا منه، والواقع أن أزمة الوطنية في الوقت الحاضر إنما تنبعث فعلا من هذا التحول المباغت! فباسم الاعتبارات والضرورات الدولية يقلل من شأن الاعتبارات الوطنية، بل يتم سحق هذه الاعتبارات سحقا كاملا! وباسم السلام العالمي، يشجب استعمال القومة مهما كانت ضرورة استعمالها! وباسم العدالة والإنسانية تجاه الشعوب الأخرى تتجاهل العدالة والإنسانية تجاه أبناء الوطن، وهكذا تضرب الوطنية في الصميم، وهي الحب المفضل نحو بلادنا الخاصة!. وإن من أولى واجباتنا الآن، أن نعيد التوازن المفقود، فنشجب العزوف عن الوطن، ونتغلب على شلل الانهزامية، ونؤكد من جديد على حقوق الوطن ومفهوم الوطنية، ولا نتأخر لحظة عن استعمال القوة للدفاع عنه، ونسارع لتوجيه النداء في هذا السبيل لتجنيد أبنائه! إن الحقوق الطبيعية، والدعاية المسيحية، وضرورات التطور العالمي، لا تبرر أبدا ترك الأوطان أو التخلف عن استعمال القوة للدفاع عنها وفق مقتضيات العدالة!. إن حق الشعوب في تقرير مصيرها ليس حقا مطلقا بدون قيد

الصفحة 31