كتاب ديوان السنة - قسم الطهارة (اسم الجزء: 15)

وفي الذيل: قال النَّوَويُّ: موضوع، ليس من كلامه صلى الله عليه وسلم"! (التذكرة/ص ٣١).
وقال الشَّوْكانيُّ أيضًا: "لم يثبُت في ذلك شيءٌ يوصف بالصحةِ أو الحُسن، وقد ذكر ابن حَجَر في التلخيص أحاديثَ، وهي وإن لم تبلغ درجةَ الاحتجاج بها، فقد أفادت أن لذلك أصلًا، لا كما قال النَّوَويُّ ... وقال ابنُ القَيِّم في الهَدْي: "لم يَصِحَّ عنه في مسح العنق حديث الْبَتَّةَ"، وهذا مُسَلَّمٌ، ولكن لا تُشترَط الصحة في كل ما يصلُح للحُجِّيَّةِ؛ فإن الحَسن مما يَصلُح للحُجِّيَّة، وكذلك الأحاديث التي كلُّ حديث فيها ضعيف، وكثرة طُرُقِها يوجب لها القوة، فتكون مِن قسم الحَسن لغيرِهِ"! (السيل ١/ ٩٠).
وأعجب من هذا ما ذكره عبد الحميد الشرْواني مُتَعقِّبًا الهيتميُّ بأن الخبر ليس بموضوع، وأن المتأخرين من أئمتهم قد قلَّدوا النَّوَويُّ في كون الحديث لا أصل له، مع أن كلام المُحَدِّثين يشير إلى أن الحديث له طرقٌ وشواهدُ يرتقي بها إلى درجة الحسن! (حاشية الشرواني ١/ ٢٤١).
والجواب: بدايةً يجب أن نُفرِّق بين حديثَيْ وائل بن حُجْرٍ، وطلحةَ بنِ مُصَرِّفٍ، اللَّذَيْنِ لم يَرِد فيهما سوى مُجَرَّدِ مسحِ الرقبة في الوُضوء، وبين لفظ حديث ابنِ عمر: «مَنْ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عُنُقَهُ، لَمْ يُغَلَّ بِالْأَغْلَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، وبمعناه اللفظ الذي ساقه الغزالي: «مَسْحُ الرَّقَبَةِ أَمَانٌ مِنَ الْغَلِّ»، وهذا هو الذي حَكَم عليه النَّوَويُّ وغيرُه بالوضع، ولم نجدْه مسنَدًا.
فأما حديث وائلٍ فسبق أنه منكَرٌ جدًّا سندًا ومتنًا، ومِثْلُه حديثُ طَلْحَةَ بنِ مُصَرِّف، كما بيَّنَّاه في باب مسح الرأس وصفته، ومع ذلك فالاستدلال به على مسح الرقبة فيه نظرٌ كما ذكره العَيْنيُّ في (البناية ١/ ٢٢٠).

الصفحة 138