كتاب ديوان السنة - قسم الطهارة (اسم الجزء: 15)

٨) ابن الصَّلاحِ؛ حيث مَثَّل به للضعيف الذي تعدَّدَتْ طرقُه ولكنها لا تنجبر؛ فقال: "لعل الباحث الفَهِمَ يقول: إنا نجد أحاديثَ محكومًا بضعفِها مع كونِها قد رُوِيَتْ بأسانيدَ كثيرةٍ من وجوه عديدة، مثل حديث: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)) ونحوِه، فهلَّا جعلتُم ذلك وأمثالَه من نوع الحسن؛ لأن بعض ذلك عَضَدَ بعضًا، كما قلتم في نوع الحسن على ما سبق آنفًا؟
وجواب ذلك: أنه ليس كلُّ ضعف في الحديثِ يزول بمجيئه من وجوه، بل ذلك يتفاوت: فمنه ضعْفٌ يُزيله ذلك بأن يكون ضعْفُه ناشئًا مِن ضعف حفظ راويه، مع كونه من أهل الصدق والديانة. فإذا رأينا ما رواه قد جاءَ من وجهٍ آخَرَ عرفنا أنه مما قد حَفِظَه، ولم يختلَّ فيه ضبطُه له. وكذلك إذا كان ضعْفُه من حيث الإرسال زال بنحو ذلك، كما في المرسل الذي يرسله إمام حافظ، إذ فيه ضعْفٌ قليل، يزول بروايته من وجه آخر.
ومن ذلك ضعْفٌ لا يزول بنحو ذلك؛ لقوة الضعف وتقاعُدِ هذا الجابرِ عن جبره ومقاومته. وذلك كالضعف الذي ينشأ من كون الراوي متَّهما بالكذب، أو كونِ الحديث شاذًّا.
وهذه جملةٌ تفاصيلُها تُدرَكُ بالمباشرة والبحث، فاعلم ذلك، فإنه من النفائس العزيزة. والله أعلم" (معرفة أنواع علوم الحديث ص ٣٣).
٩) المُنْذِري؛ حيث قال: "قد وقع لنا هذا الحديثُ من رواية عبد الله بن عبَّاسٍ، وعبد الله بن عُمر بن الخطاب، وعبد الله بن قيس أبي موسى الأشعري، وأبي هريرةَ، وأنس بن مالك، وعائشة، وليس شيء منها يثبُت مرفوعًا. ووقع لنا أيضًا عن عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ - رضي الله عنه- من قوله، ولا يثبُت أيضًا. وأشهرها حديثُ أبي أمامة؛ كما قال البَيْهَقيُّ" (شرح الإلمام لابن دقيقِ العيدِ ٤/ ٢٤٦)، و (النكت على مقدمة ابن الصَّلاحِ للزَّرْكَشي ١/ ٣٢٦).

الصفحة 21