كتاب ديوان السنة - قسم الطهارة (اسم الجزء: 15)

على ذِكر طريق لا علة فيها، ولا كلامَ في أحدٍ مَن رواتها، فقد يتوقَّف في ذلك، لكن اعتبار ذلك صعب ينتقض عليهم في كثير مما استحسنوه وصحَّحوه من هذا الوجه، فإن السلامة من الكلام في الناس قليل" (شرح الإلمام ٤/ ٢٤٨ - ٢٤٩).
قلنا: وكلامه فيه نظرٌ ظاهر؛ لأنه يحاكم ابنَ الصَّلاحِ على اعتبار أنه يُضَعِّف طرقَ الحديث لمجرد أن في بعض رواتها مَغمزً، وإنما هذه الطرق منكرة، لكون الصواب فيها إما الوقف أو الإعضال، كما سيأتي بيانُه مفصلًا. وهذا ما أشار إليه ابن الصَّلاحِ في نهاية كلامه؛ حيث ذكر أن من موانع تقويته: " ... كون الحديث شاذًّا".
وتَعَقَّبَ البِقَاعيُّ كلامَ ابن دقيق هذا؛ فقال: "وهو مُسَلَّمٌ لولا أن سُلَيمانَ بن حربٍ وقَفَه عن حماد، كما هو عند أبي داودَ. وسُلَيمان ثقة ثبْتٌ إمام حافظ، ونقل جزْمَه بذلك الإمامُ أبو الحسن الدَّارَقُطنيُّ وهو جبل الحفظ والإتقان، فلولا ذلك لأفادته الطُّرُقُ المذكورةُ قوةً في المتابعات والشواهد، لكنَّ ضعْفَها لا ينهض لمدافعة هذين الجبلين، ولا واحدٍ منهما، لا سيما عند مَن قالوا: إن الواقف مُقَدَّمٌ على الرافع ... فاستمر حديثُ أبي أُمامةَ على ضعفِه، ولم يوجد من حديث غيرِه ما يستقل بإفادة الحكم"، ثُمَّ ذكر حديث عبد الله بن زيد وأَعَلَّه (النكت الوفية ١/ ٢٤٦).
٢) وقال الحافظُ صلاح الدين العَلَائيّ: "في التمثيل بذلك نظر؛ لأن الحديث المشار إليه ربما ينتهي ببعض طرقه إلى درجة الحسن" (النكت على ابنِ الصَّلاحِ لابن حَجَر ١/ ٤٠٩).
٣) وقال الحافظُ ابنُ حَجَر: "وإذا نظر المُنْصِف إلى مجموع هذه الطرق عَلِمَ أن للحديث أصلًا، وأنه ليس مما يطرح، وقد حسَّنوا أحاديثَ كثيرةً باعتبار

الصفحة 23