كتاب ديوان السنة - قسم الطهارة (اسم الجزء: 15)

من طريقِ ثمانية منَ الصحابةِ، وفي بعض أسانيدها مقال، وهي يُقَوِّي بعضُها بعضًا؛ فتصلُح للاحتجاج بها" (السيل الجرار ص: ٥٥).
٨) الشيخ أحمد شاكر؛ ذكر الخلاف في حديثِ أبي أُمامةَ، ثُمَّ قال: "والراجح عندي أن الحديث صحيح؛ فقد رُوِي من غير وجه بأسانيدَ بعضُها جِياد، ويؤيِّدُ بعضُها بعضًا" (تحقيقه سنن التِّرْمِذي ١/ ٥٤).
٩) الشيخ الألبانيُّ؛ حيث صَحَّحَهُ بمجموع طرقه في (الصحيحة ١/ ٨١/٣٦).
قلنا: والذي نراه أن الحديث ضعيفٌ لا يتقوى بمجموع هذه الطرق؛ لأنها منكَرةٌ معلولة كلها، فهذا حديث أبي أُمامةَ مع ضعف أسانيده ووهائِها، الصحيح فيه الوقف، إذن رواية الرفع منكَرة، والمنكر أبدًا منكر.
وهو أمثل طرق الحديث، وسيأتي من حديث عبد الله بن زيد وابنُ عبَّاسٍ وجماعة، وكلُّها منكرة معلولة؛ إما لشدة ضعفِها، أو كونِ المحفوظِ فيها الإعضالَ أو الوقفَ، كما ستراه مفصَّلًا فيما يأتي، وقد تقدم بيانُ بعض ذلك في أبواب المضمضة والاستنشاق.
فتصحيح الحديث بمجموع الطرق دون الالتفات إلى كونها مناكيرَ وأخطاء مِن رواتها تساهُلٌ، وليس بإنصاف.
ففرْقٌ بين أن يكون الحديثُ ضعْفُه لسوء حفظ راويه، دون جزم بخطئه فيه أو إعلاله بالوقف أو الإرسال أو غير ذلك، فهذا هو الذي ينجبر بتعدُّد طرقه، أما الشاذُّ والمنكَرُ فلا؛
فالمنكَر أبدًا منكَر، كما قال الإمام أحمد (¬١). والله أعلم.
* * *
---------------
(¬١) فقد ذُكِرَ للإمام أحمدَ الفوائدُ، فقال: "الحديث عن الضُّعفاء قد يحتاج إليه في وقت، والمنكر أبدًا منكر" (العلل - رواية المروذي ٢٨١). وفي (مسائل ابن هانئ ١٩٢٥، ١٩٢٦) قيل له: فهذه الفوائد التي فيها المناكير، ترى أن يكتب الحديث المنكر؟ قال: "المنكر أبدًا منكر"، قيل له: فالضُّعفاء؟ قال: "قد يحتاج إليهم في وقت، كأنه لم ير بالكتاب عنهم بأسًا".

الصفحة 25