كتاب ديوان السنة - قسم الطهارة (اسم الجزء: 15)

وقد تَعَقَّبَ الحافظُ كلامَ المُنْذِريِّ، فقال: "هذا الإسناد رجاله رجال مسلم إلا أن له علةً؛ فإنه من رواية سُوَيد بن سعيد كما ترى وقد وهِمَ فيه، وذكر التِّرْمِذيّ في العلل الكبير أنه سأل البُخاريّ عن هذا الحديثِ فضعَّف سُوَيدًا. قلت (الحافظ): وهو وإن أخرجَ لَهُ مسلم في صحيحه فقد ضعَّفَه الأئمة، واعتذر مسلم عن تخريج حديثه بأنه ما أخرجَ لَهُ إلا ما له أصل من رواية غيره، وقد كان مسلم لَقِيَه وسمِع منه قبل أن يعمَى ويُتلقَّنَ ما ليس من حديثه، وإنما كثُرت المناكير في روايتِهِ بعد عماه، وقد حدَّث بهذا الحديثِ في حال صحته فأتى به على الصوابِ - أي: موقوفًا -، فرواه البَيْهَقيُّ من رواية عِمرانَ بنِ موسى السَّخْتِيانيِّ، عن سُوَيد بسنده، إلى عبد الله بن زيد رضي الله تعالى عنهما قال: رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ بِثُلُثَيْ مُدٍّ، وَجَعَلَ يَدْلُكُ، قال: الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ. انتهى. وقوله: "قال: الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ " هو من قول عبد الله بن زيد رضي الله تعالى عنه، والمرفوع منه ذكر الوضوء بثلثي مُدٍّ والدلك، وكذا أخرجه ابنُ خُزَيْمةَ وابنُ حِبَّانَ في صحيحهما والحاكمُ من حديث أبي كُرَيب عنِ ابنِ أبي زائدة دون الموقوف" (النكت على ابنِ الصَّلاحِ ١/ ٤١١).
قلنا: والموقوف في هذا الحديثِ منكَر أيضًا؛ لتفرُّد سُوَيدٍ به من بين أصحاب ابن أبي زائدة، واتِّفاقِ أصحاب شُعبة على عدم ذكره، ومَن يكون سُوَيدٌ حتى يتفرد من بين هؤلاء؟ ! .
ومع هذا رمز لصحته السُّيوطيّ في (الجامع الصغير ٣٠٤٦)، وخرَّجه عن عدد منَ الصحابةِ منهم عبد الله بن زيد، كأنه يشير إلى أنه صحيح بمجموع طرقه.

الصفحة 31