كتاب ديوان السنة - قسم الطهارة (اسم الجزء: 15)

علةً؛ فإن أبا كامل تفرد به عن غُنْدَر، وتفرد به غُنْدَرٌ عنِ ابنِ جُرَيجٍ. وخالَفَه مَن هو أحفظ منه وأكثرُ عددًا، فرَوَوْهُ عنِ ابنِ جُرَيجٍ عن سُلَيمان بن موسى عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم معضلًا. والعلة فيه من جهتين:
إحداهما: أن سماع غُنْدَرٍ من ابن جُرَيجٍ كان بالبصرة، وابنُ جُرَيجٍ لَمَّا حدث بالبصرة حدَّث بأحاديثَ وهِمَ فيها، وسماع مَن سمِع منه بمكةَ أَصَحُّ.
ثانيهما: أن أبا كامل قال - فيما رواه ابنُ عَدِيٍّ عنه -: "لم أكتب عن غُنْدَر إلا هذا الحديثُ، أفادَنيه عنه عبدُ اللهِ بنُ سلمة الأفطس" انتهى.
والأفطس ضعيف جدًّا، فلعله أدخله على أبي كامل" (النكت على كتاب ابن الصَّلاحِ ١/ ٤١٢).
وقيل: الخطأ ممن دون أبي كامل، فقال الحاكمُ أبو عبد الله: "هذا حديث يُعرَف بالمَعْمَري، وهو آخر ما ذكره موسى بن هارون في الإنكار عليه، وقد سرقه منه الباغَنديُّ وغيرُه" (الخلافيات للبيهقي ١٦٧).
قلنا: وفيه نظرٌ؛ فقد رواه عن أبي كامل كذلك البَزَّارُ، وهو إمام ثقةٌ حافظٌ، حاشاه أن يسرق الحديث.
وأما أبو عليٍّ النيسابوري الحافظ، فسأله الحاكمُ عنه، فقال: هذا حديث حدثنا به ابن الباغَندي، ونحن نتهمه به، فإنه لم يحدِّث به في الإسلام أحدٌ غيرُه عن أبي كامل عن غُنْدَر. قال الحاكمُ: فذاكرني أبو الحسين بن المظفر البغدادي فقال لي: الباغندي ثقة، إمام، لا ينكر منه إلا التدليس، والأئمة قد دلَّسوا، فقلت: لا تقل بهذا، أليس قد روى عن أبي كامل هذا ولم يُتابَعْ عليه؟ فقال: قد ذكر

الصفحة 37