كتاب ديوان السنة - قسم الطهارة (اسم الجزء: 15)

أشهر إسناد لهذا الحديثِ، وترك هذين الحديثين، وهُمَا أَمْثَلُ منه؟ ! ومن هنا يظهر تحاملُه، والله أعلم" (نصب الراية ١/ ١٩)، وتَبِعَه العَيْنيُّ في (البناية ١/ ٢١٦).
ولهذا قال العَجْلونيّ: "وقد تُوُهِّم في البَيْهَقيِّ التحاملُ بسبب اقتصاره على حديث أبي أُمامةَ والاشتغال بالتكلُّم فيه، مع أن في الباب حديثَ عبد الله بن زيد أخرجه ابنُ ماجَهْ، وحديثَ ابن عبَّاسٍ أخرجه الدَّارَقُطني" (كشف الخفاء ١/ ٩٢).
قلنا: وما قالوه جميعا فيه نظرٌ، بل وتحامُل؛ فإن كل أحاديث الباب ضعيفة، ليس فيه شيء ثابت، وإن كان بعضها من وجهة نظرهم صحيحًا، فلا يُلزَم المجتهِدُ باجتهاد غيره.
وقد قال البَيْهَقيُّ: "وأما ما رُوي عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ))، فرُوِيَ ذلك بأسانيدَ ضِعافٍ ذكرناها في الخلاف. وأشهر إسناد فيه ما ... " فذكر حديث أبي أُمامة (السنن الكبير ١/ ٢٠٢).
فها هو قد نَصَّ على أن كل أسانيده ضعيفة، وأحال على الموضع الذي ذكر فيه ذلك مفصلًا، وهو كتاب (الخلافيات)، وقد أخرج هناك حديثَ عبد الله بن زيد، وحديثَ ابنِ عبَّاسٍ، وبيَّن عِلَلَهما.
وأمَّا مِن حيث الشهرةُ فلا ريب ولا شك أنَّ حديث أبي أُمامةَ أشهرُ من حديثَيْ عبد الله بن زيد وابنُ عبَّاسٍ؛ فحديث أبي أُمامةَ: مُخَرَّجٌ في أمهات كتب السُّنَّة، كسنن أبي داودَ والتِّرْمِذيُّ وابنُ ماجَهْ ومسندِ أحمدَ، وغيرِها كثير من دواوين السُّنَّة (¬١).
---------------
(¬١) وقد تَقدَّمَ تخريجُه أول الباب.

الصفحة 41