كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 32)

"""""" صفحة رقم 10 """"""
ومنعهم من العود بسبب الوقعة الكائنة التي نذكرها إن شاء الله تعالى ، واستمروا ببلاد
التتار إلى أن هلك غازان وعادوا في أيام خربندا .
ذكر فتح جزيرة أرواد
وفي المحرم من هذه السنة جهزت الشواني من مصر إلى جزيرة أرواد وهي
جزيرة تقابل مدينة انطرسوس ، وكان قد اجتمع بها جمع كثير من الفرنج وسكنوها
وأحاطوا بها سورا وحصنوها ، وبقيت مضرة على أهل ساحل طرابلس فجهزت
الشواني لقصدها صحبة الأمير سيف الدين كهرداش الناصري ، وجرد من كل أمير
جندي ، ورسم لكل أمير أن يجهز جندية بما يحتاج إليه ، فكان ممن جهز من أصحابه
الأمير جمال الدين آقش العلائي فامتنع من تجهيز جندية ، فكشاه الجندي إلى الأمير
سيف الدين سلار نائب السلطنة ، فأرسل إليه نقيبا يأمره بتجهيزه ، فشتم الجندي
وضربه ، فعاد إلى نائب السلطنة وأخبره ، فغضب وطلب آقش وألزمه بالسفر عوضا عن
الجندي ، فتوجه وسلم إليه شاني وركب فيه ، ولعبت الشواني فانقلب الشيني الذي فيه
آقش فغرق ، ومر الشاني على الصناعة وهو مقلوب ؛ فتطير الناس بذلك وظنوا أن هذه
الشواني لا تفتح شيئا ، فقال بعض أهل الدين والخير : هذا أول الفتح بغرق آقش ،
وكان آقش هذا ظالما عسوفا قبيح السيرة ، فكان ذلك أول الفتوح كما قال ، وأصلح
الشاني وتوجهت الشواني إلى الجزيرة ، وجهز الأمير سيف الدين أسندمر الكرجي
نائب السلطنة بالفتوحات مركبا فيه جماعة من الجند ، وتوجه هو بالعسكر الطرابلسي .
ونزل قبالة الجزيرة بالبر الشرقي ، وتوجهت الشواني بالعسكر إليها ، ففتحت في يوم
الأربعاء ثاني صفر ، وقتل من كان بها من الفرنج ، وأسر من بقي ، وكان القتلى نحو
ألفين ، والأسرى نحو خمسمائة ، وغنم العسكر جميع ما بالجزيرة ، وجهزت الأسرى
إلى الأبواب السلطانية صحبة الأمير فلان الدين فلان الإبراهيمي من أمراء طرابلس ،
فوصلوا إلى دمشق في يوم الاثنين حادي عشرين صفر ، وفرق بعضهم في القلاع
بالشام .

الصفحة 10