كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 32)
"""""" صفحة رقم 11 """"""
ذكر وفاة قاضي القضاة تقي الدين ابن دقيق العيد
وتفويض القضاء بالديار المصرية لقاضي القضاة
بدر الدين بن جماعة
وفي يوم الجمعة حادي عشر صفر توفي شيخنا قاضي القضاة تقي الدين بقية
المجتهدين أبو الفتح محمد ابن الشيخ الزاهد العالم مجد الدين أبي الحسن علي بن
وهب بن مطيع بن أبي الطاعة القشيري المعروف بابن دقيق العيد ، والذي جرى عليه
هذا اللقب هو وهب جده ، وذلك أنه لبس في يوم عيد ثيابا بيضا ، فرآه جماعة من
أهل الريف ، فقال قائل منهم : كأن ثيابه دقيق العيد ، فلزمه هذا اللقب واشتهر به
وكانت وفاته ببستان بظاهر القاهرة بقرب باب اللوق بعد صلاة الجمعة ، وحمل يوم
السبت وصلى عليه تحت القلعة وكانت جنازته مشهودة ، ودفن بتربه بالقرافة ، ومولده
يوم السبت خامس عشرين شعبان سنة خمس وعشرين وستمائة بساحل ينبع من أرض
الحجاز ، ونشأ بمدينة قوص ، وتفقه بها على أبيه وبرع ، وكان من أجل من رأينا ديانة
وعلما وورعا وتقشفا ، وكان شديد الاحتراس من النجاسة حتى أفرط به ذلك وانتقل
من مدينة قوص إلى القاهرة ، وله رحلة إلى دمشق بعد سنة ستين وستمائة ، وولي
مشيخة دار الحديث الكاملية بالقاهرة ، وولي غير ذلك . ثم فوض إليه قضاء القضاة
كما تقدم فوليه ، ثم عزل نفسه فسئل العود ، فامتنع من القبول ، وحضر إليه أكابر
الأمراء بسبب ذلك وهو يمتنع ، فتحيل بعض أولاده عليه بأن قال له : إنه قد عين
الصفحة 11
264