كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 32)

"""""" صفحة رقم 15 """"""
جلدها أربع أصابع ما تعمل فيه السيوف ، ولما صيدت سلخ جلدها وحمل إليّ بين
يدي السلطان بقلعة الجبل ، وتبدل على حمله لثقله خمسة أجمال ، فلا يستطيع الجمل
أن يحمله أكثر من ساعة ، ولما صار بين يدي السلطان حشي تبنا ، وأقيم بين يديه ،
وهذا الحيوان لم يعهد ببحر النيل بمصر وإنما هو موجود ببلاد النوبة ، وأهل النوبة
يتخذون من جلده سياطا ، يسوقون بها الجمال ، وهي سياط سود إذا دهنت بالزيت لا
تكاد تنقطع والله أعلم .
ذكر وصول غازان ملك التتار إلى الرحبة ومحاصرتها ،
وانصرافه عنها ، وتجريد عساكره إلى الشام ، ووقعة عرض
في هذه السنة تواترت الأخبار بحركة التتار ، فأخذ السلطان في الاستعداد
والتأهب للقائهم ، ورسم للأمراء أن يستخدم كل أمير نظير الربع من عدته من ماله ،
ووصل غازان إلى الرحبة بجيوشه ، ونازلها بنفسه وعساكره ، وكان النائب بها الأمير
علم الدين سنجر الغتمي ، فخرج إليه بالإقامات ، وقال له : هذا المكان قريب المأخذ ،
والملك يقصد المدن الكبار ، فإذا ملكت البلاد التي هي أمامك فنحن لا نمتنع عليك .
فأخذ ولده ومملوكه رهنا على الوفاء بذلك ؛ فرحل عنها ، ثم عاد إليها وجرد نائبه
قطلوشاه في اثني عشر تمانا ، وأمره بقصد الشام ، وعاد غازان إلى بلاد الشرق .
وأما العسكر الشامي فإن عسكر حلب جمعه الأمير شمس الدين قراسنقر ،
والعسكر الحموي مع الأمير زين الدين كتبغا الملقب بالعادل وعسكر الساحل مع
الأمير سيف الدين أسند مركرجي ، وجماعة من عسكر دمشق مع الأمير سيف الدين
بهادر آص والأمير سيف الدين أنص الجمدار ونزلت هذه العساكر بالقرب من حماه ،
وجاءت طائفة من التتار للإغارة فوصلوا إلى القريتين وبها جمع من التركمان بحريمهم
وأولادهم وأغنامهم فأوقع التتار بهم ونهبوهم ، واتصل خبرهم بالأمير جمال الدين
آقش الأفرم نائب السلطنة بالشام ؛ فجرد طائفة من عسكر الشام صحبة الأمير سيف
الدين قطلبك المنصوري ، وركب معه الأمير ثابت بن يزيد ، وتوجهوا جرائد إلى
القريتين فوجدوا التتار قد فارقوها ، فعادوا ولم يظفروا بهم ، واتصل خبر هذه الطائفة
من التتار بالأمراء المقيمين على حماه ؛ فانتدب لذلك الأمير سيف الدين أسند
مركرجي نائب السلطنة بالفتوحات ، وانتدب معه من عسكر حلب الأمير سيف الدين

الصفحة 15