كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 32)

"""""" صفحة رقم 17 """"""
بهاء الدين يعقوبا ، ومضافيهم ، واستقل ركاب السلطان من قلعة الجبل في ثالث
شعبان .
وأما التتار الذين سلموا من وقعة عرض فإنهم التحقوا بقطلو شاه وأخبروه أن
السلطان لم يخرج من الديار المصرية ، وأنه ليس بالشام غير العسكر الشامي ؛ فأقبل
قطلوشاه بعسكر التتار . فتأخرت الجيوش التي بحماه ، ونزلوا بالمرج بدمشق ، ثم
اجتمع الأمراء الذين بدمشق من العساكر المصرية والشامية ، واتفقوا على أن يتأخروا
عن دمشق إلى نهر الصفر ويقيموا به إلى أن يصل السلطان بعساكر الديار المصرية ،
بعد أن كانوا اتفقوا على لقاء العدو التتار إن تأخر السلطان ، ونقلوا حريمهم إلى قلعة
دمشق ، ثم لم يروا ذلك ووصل الجيش الذي كان بالمرج ، ونزلوا بأجمعهم بميدان
الحصا في يوم الأربعاء الثامن والعشرين من شعبان ، واختبط الناس بدمشق وجفلوا من
الحواضر والقرى إليها ، وخرج أكابر أهل دمشق وأعيانها في هذا اليوم منها فمنهم من
التحق بالحصون ، ومنهم من توجه إلى نحو الديار المصرية ، وكنت يوم ذاك بدمشق
فخرجت منها بعد أن أعددت لأمة الحرب ، والتحقت بالعسكر ووجدت الجفال قد
ازدحموا بالأبواب زحاما شديدا ، وذهلوا عن أموالهم وأولادهم ، ووصلت بعد
المغرب إلى منزلة العسكر بميدان الحصا ، فوجدتهم قد توجهوا إلى مرج الصفر ،
فلحقت الجيوش في يوم الخميس التاسع والعشرين من الشهر - وهو سلخه ، وأقمنا
بالمرج يوم الخميس والجمعة .
فلما كان في ليلة السبت المسفرة عن ثاني شهر رمضان دارت النقباء على
العساكر ، وأخبروهم أن العدو قد قرب منهم ، وأن يكونوا على أهبة واستعداد في تلك
الليلة ، وأنه متى دهمهم العدو يركبوا خيولهم ، ويكون الاجتماع عند قرية المجة بقرب
خربة اللصوص فبتنا في تلك الليلة وليس منا إلا من لبس لأمة حربه ، وأمسك عنان
فرسه في يده ، وتساوى في ذلك الأمير والمأمور ، وكنت قد رافقت الأمير علاء الدين
مغلطاي البيسري أحد أمراء الطبلخانات بدمشق ، لصحبة كانت بيني وبينه ، فلم تزل
على ذلك وأعنة خيلنا بأيدينا حتى طلع الفجر فصلينا وركبنا ، واصطفت العساكر إلى
أن طلعت الشمس وارتفع النهار في يوم السبت المذكور ، ثم أرسل الله مطرا شديدا
نحو ساعتين ثم ظهرت الشمس ، ولم نزل على خيولنا إلى وقت الزوال ، وأقبل التتار

الصفحة 17