كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 32)

"""""" صفحة رقم 226 """"""
سبع عشرة وسبعمائة برد وسقط عليه ثلج أفسد بعضه وأضعف بعضه وانقطع المطر
في سنة ثماني عشرة فلم يحصل منه شيء وكان سبب هذا الغلاء أولا بمدينة سنجار
وديار بكر ظهور الجراد في سنة ست عشرة وسبعمائة فأفسد المزروعات .
واستهلت سنة سبع عشرة بغير مطر فاشتد الغلاء وتضاعف فلما هلت سنة ثمان
عشرة اشتد الغلاء وعظم البلاد لقلة الأمطار وموت الفلاحين وجلاهم من البلاد لما
نالهم من جور التتار وغارات كانت ببلادهم من جهة الشام والأكراد ثم ارتفع الوباء
في شهر رجب وشعبان ورمضان وقل الموت لكن الغلاء مستمر بالموصل والعراق
وماسنجار وماردين فرخص القوت فيهما ونقلت هذه الحادثة من تاريخ الشيخ علم
الدين البرزالي وبعض ألفاظها أوردتها بالمعنى وقال المذكور إنه نقل ذلك من خط
عز الدين الحسن بن أحمد بن ذفر الإربلي الصوفي الطبيب واختصر بعضه - نسأل
الله العافية من بلائه .
ذكر مقتل الرشيد المتطبب
وفي النصف الثاني من جمادى الأولى من هذه السنة قتل رشيد الدولة أبو
الفضل فضل الله بن أبي الخير بن غالي الهمداني الطبيب وهو الذي كان قد وصل
صحبة غازان إلى الشام ، وكان يتحدث في دولته حديث الوزراء ، ولما مات خربندا
عزل الرشيد من وظائفه ومناصبه ، ودارى عن نفسه بجملة كثيرة من الأموال ، ثم نسب
إليه سقي الملك خربندا السم فمات وطلب على البريد إلى المدينة السلطانية ، وأحضر
بين يدي جوبان نائب الملك أبي سعيد وقيل له : أنت قتلت الملك ؟ فقال كيف أفعل
ذلك وقد كنت رجلا يهوديا عطارا طبيبا ضعيفا بين الناس فصرت في أيامه وأيام أخيه
أتصرف في أموال المملكة ولا تتصرف النواب والأمراء في شيء إلا بأمري وحصلت
في أيامهما من الأموال والجواهر والأملاك ما لا يحصى فأحضر الطبيب الجلال ابن
الحزان طبيب خربندا وسئل عن موت خربندا وقيل له : أنت قتلته فقال إن الملك
أصابته هيضة قوية فانسهل بسببها نحو ثلاثمائة مجلس وتقايأ قيئا كثيرا ، فطلبني
وعرض عليّ هذا الحال فاجتمع الأطباء بحضور الرشيد على إعطائه أدوية قابضة

الصفحة 226