كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 32)

"""""" صفحة رقم 230 """"""
الإربلي ورد إلى دمشق وأخبره تفصيل ذلك على جليته قال : كان سبب هذه الحرب
أن الملك أبا سعيد بن خربندا حصل له الحصار من نائبه جوبان وأنه استقل بتنفيذ
الأمور دونه ولم يبق له في المملكة إلا مجرد التسمية ، وأبعد أقواما كانوا مقربين
من الملك أبي سعيد وقتل الأمير ربنوا وهو الذي تولى ترتيب الملك لأبي سعيد
فذكر الملك ما حصل له من القلق للأمير إيرنجي خال أبيه خربندا ، والأمير قرمشي
ابن التياج ، والأمير دقماق وهم من مقدمي التمانات فقالوا للملك : إن أردت أن
نخرج عليه ونكبسه ونقتله فعلنا وإن أحببت أن ننابذه الحرب فعلنا ما أردت ؛ فوقع
الاتفاق على أنهم يفعلون به كيف ما تهيأ لهم فاتفق الحال من الأمراء الثلاثة ومن
وافقهم الأمير أرس أخو دقماق ، ومحمد هرزه ويوسف بكا وبهاء الدين يعقوبا وهم
من أعيان الأمراء على أن يعملوا لجوبان دعوة ويقبضوا عليها فيها ، فسأله قرمشي أن
يعمل له دعوة في نواحي عمله بالقرب من بلاد كرجستان وأرسل إليه تقادم وهدايا
كثيرة ، فقبلها جوبان وأجاب إلى حضور الدعوة فعمل قرمشي الدعوة في مكان
يسمى سرماري من نواحي كرجستان ، وهي منزلة قرمشي ومن انضاف إليه ، وتهيأ
جوبان لحضور الدعوة ، فبينما هو على ذلك إذ جاءه رجل أقطي من جماعة قرمشي
في خفية وأخبره بما انطوى عليه الجماعة خفية وأخبره بما انطوى عليه الجماعة
وأشار عليه بمفارقة مخيمه وقال له : الآن يكبسوك . فرجع جوبان إليه واحتاط
لنفسه ، وركب لوقته وترك مخيمه وخزائنه وخيوله بحالها ، ولم يخبر أحدا من
أصحابه ولم يستصحب غير ولده حسن ، وأقبل قرمشي في عشرة آلاف فارس من
التتار والكرج والفرس ، فسأل عن جوبان فقيل له ، هو جالس في مخيمه ينتظر
حضور الدعوة فقصده وهجم على مخيمه وشهر السيف وثار أصحاب جوبان وهم
لا يدرون ما الخبر ، وقاتلوا قتالا شديدا ، قتل من الفريقين نحو ثلاثمائة فارس ،
وخلص قرمشي إلى خيمة جوبان فلم يجد غير إنسان اسمه أخي أبو بكر فسأله عن
جوبان فقال : هرب ولم يعرفنا فضرب قرمشي عنق أخي أبو بكر ، ونهب مخيم
جوبان ، وأمواله وخيوله وغير ذلك ، وذلك في جمادى الأولى وساق خلف جوبان
فلم يدركه .
وأما جوبان فإنه استمر به السير إلى مدينة مرند فوصل إليها وليس معه غير
نفرين من أصحابه ، فتلقاه الأمير ناصر الدين ملكها وأمده بالخيل والمال والسلاح ،
ووصل معه إلى قرية بالقرب من تبريز تسمى دية صوفيان ، ووصل خبره إلى تبريز
فخرج إليه الوزير تاج الدين علي شاة التبريزي - وزير الملك أبي سعيد - ومعه ألف

الصفحة 230