كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 32)

"""""" صفحة رقم 231 """"""
فارس فأنزله وأكرمه ، وأخرج إلى لقائه أهل تبريز بالفرح بمقدمه ، ونصبت له
القباب ، وأمدوه بالخيول والسلاح ، فبات بتبريز ليلة واحدة ، وتوجه إلى المدينة
السلطانية ، وصحبته الوزير علي شاه وتقدم الوزير واجتمع بالملك أبي سعيد وتلطف
في أمر جوبان وأحسن الثناء عليه ، وذكر شفقته على الدولة واهتمامه بأمرها وحرمته
وغض ممن نازعه ، وخرج عليه ، وقال : إن هؤلاء يحسدونه ويقصدون أن يتغير
خاطر الملك عليه ، فإذا قتله تمكنوا من الدولة وفعلوا ما أرادوا ، وبلغوا أغراضهم
الفاسدة قال : وقد بلغني عن الأمير إيرنجي أنه يقول إن ابنه عليا أحق بالملك ، لأنه
من العظم الثاني ، وأغراه به غاية الإغراء فمال إلى قوله ورضي عن جوبان ، وأذن له
في الدخول عليه فدخل ومعه كفنه وبكى بين يدي الملك بكاء شديدا أو قال قتلت
رجالي وأعواني الذين انتخبتهم لخدمة القان ونهبت أموالي التي جمعتها من نعمه ،
وانكسرت حرمتي التي أقامها فإن كان القان يقصد قتلي فها أنا بين يديه ، وأنا من
جملة مماليكه . فتبرأ أبو سعيد من ذلك وقال : لم أقصد بك سوءا قط وهؤلاء
أعداؤك وقد حسدوك على قربك مني وخرجوا علي وعليك وقد مكنتك منهم ،
فإنهم ارتكبوا هذا الأمر بغير أمري . فاستأذنه في حربهم فأذن له فسأله ، أن يمده
بالجيش ، فأمده بعشرة آلاف فارس يقدمهم الأمير طاز بن كتبغانوين ، الذي قتل بعين
جالوت ، وركب قراسنقر المنصوري في ثلاثمائة فارس بالسلاح التام على عادة
العساكر المصرية ، وجاء ابنه تمرتاش من جهة ثغر الروم بطائفة كثيرة من الجيوش
وركبوا وركب الملك أبو سعيد أيضا في خاصته وساق معهم ليتحقق جوبان أنه معه
لا معهم .
وأما قرمشي وإيرنجي ودقماق فإنهم ساقوا خلف جوبان إلى أن وصلوا إلى
بتبريز ، فغلقت أبوابها دونهم ، وخيف منهم القتل والنهب وخرج إليهم نائبها وهو
الحاجي قطق بمأكول ومشروب وعلوفات فعلقوه برجليه وأخذوا منه سبعين ألف
دينار - الصرف عن كل دينار ستة دراهم - كون أهل البلد تلقوا جوبان وخدموه
وأغلقوا الأبواب دونهم ، ثم ساقوا من يومهم حتى وصلوا إلى مدينة من أعمال
أذربيجان اسمها ميانه ، ثم ساقوا منها إلى مدينة زنكان ومنها إلى ضيعة اسمها دية
منارة فتوافوهم وجوبان في هذا المكان فلما شاهد الأمير إيرنجي الملك أبا سعيد
وأعلامه تحير في أمره واستشار من معه فيما يفعل فقال له قرمشي لا بد من الحرب

الصفحة 231