كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 32)
"""""" صفحة رقم 232 """"""
فإن الملك في الباطن معنا ، فتصاف الجيشان ، وخاف إيرنجي أن يبدأ الملك
بالحرب ، وكذلك من معه إلا قرمشي فإنه سير إلى جوبان يقول له اجعل لي إشارة
أقصدها وأحضر إلى خدمتك وطاعتك ، فرفع له جوبان علما ولم يقف تحته بل
تحيز إلى جهة أخرى ، فحمل قرمشي على ذلك المكان بمن معه حملة منكرة ، ظنا
أن جوان ثم فلم يجده فالتحم القتال ، وقاتل الأمير طاز وقراسنقر المنصوري قتالا
شديدا ، فانهزم إيرنجي ومن معه وانضم أكثرهم إلى عسكر الملك جوبان وقبض
على إيرنجي وقرمشي ودقماق وأخيه وغيرهم . وحملوا إلى المدينة السلطانية وعمل
لهم يزغو ومعناه عقد مجلس ، وسئلوا عن سبب تعديهم وخروجهم وارتكابهم لهذا
الأمر العظيم ، فقالوا بأجمعهم إنما فعلناه عن أمر الملك وإذنه وقال قرمشي
لجوبان : أنا جاءني يوسف بكا ، ومحمد هرزه برسالة الملك أبي سعيد في حربك
وقتلك ، فأحضرهما جوبان وسألهما عن ذلك فاعترفا به فأنكر الملك ذلك وقال
كذبا علي فافعل معهما ما يجب عليهما من حد الكذب والافتراء علي . فحكم على
جميعهم بالقتل بمقتضى ياسا جنكيزخان ، فعند ذلك أخرج إيرنجي من خريطته
ورقة وقال للملك أبي سعيد هذا خطك معي بقتل جوبان . وشتم الملك واجترأ
عليه ، لأنه خال والده ، فأنكر الملك ذلك وقال لجوبان أعمل معهم بمقتضى الياسا ؛
فإن هؤلاء خرجوا عليّ وعليك وقصدوا إفساد الحال . فتسلمهم جوبان وقتلهم ،
وبدأ بإيرنجي وقال : هذا ينبغي أن يعذب قبل قتله . فقيدوه من أضلاعه بقناطير
الحديد فبسط لسانه بالسب الفاحش للملك ، فأرادوا قطع لسانه فعجزوا عن ذلك ،
فضربوه بسيخ حديد تحت حنكه خرج من دماغه فمات وبقي مقيدا يومين ثم قطعوا
رأسه وطافوا به بلاد خراسان وأذربيجان ، والعراقين والروم ، وديار بكر وقتلوا
قرمشي ودقماق نقلت ذلك ملخصا ، وبعضه بالمعنى من تاريخ الشيخ علم الدين
البرزالي .