كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 32)

"""""" صفحة رقم 234 """"""
وفي التاسع والعشرين من شهر رمضان جمع القضاة والفقهاء بدار السعادة في
مجلس نائب السلطنة ، وقرئ عليهم مثال سلطاني يتضمن الإنكار على الشيخ تقي
الدين أحمد بن تيمية بمسألة الطلاق وكان أيضا قد تقدم المرسوم قبل ذلك بمنعه
من الفتيا بها ، فامتنع ثم أفتى بها فحصل الإنكار عليه الآن وتأكد المنع وصنف في
هذه المسألة كلاما كثيرا ليس هذا موضع إيراده .
ذكر توجه السلطان إلى الحجاز الشريف وهي الحجة الثانية
وفي هذه السنة أمر السلطان بتجهيز ما يحتاج إليه إلى الحجاز الشريف وأظهر
لذلك احتفالا عظيما قبل الخروج إلى الحجاز بستة أشهر وحمل من الإقامات
والحوائج خاناه والشعير بالمنازل شيئا كثيرا ، وتوجه في صحبته جماعة من الأعيان
الأمراء والملك عماد الدين صاحب حماه وعدة من أصحاب الوظائف ورسم بجميع
من توجه في خدمته أن تكون كُلفهم وما يحتاجون إليه من المآكل والعليق على
البيوت السلطانية والإسطبلات فكان يحتاج في كل ليلة من العليق خاصة ألف إردب
شعير وقيل ألف إردب ومائة إردب . وجهز معه في هذه السفرة ما لم يسافر به ملك
قبله - فيما بلغنا - فكان مما حمل معه على الظهر ثلاثة عشر حملا من المحاير
المحكمة المقيرة ، وجعل فيها الطين الإبليز وزرع فيه الرياحين والخضراوات وهو
بنفسج حملان هندبا ثلاثة أحمال ، فجل حمل واحد أسفا ناخ ، حمل واحد كسفرة
خضراء حمل واحد طرخون : حمل نعناع : حمل - سلق : حمل - حوائج بقل : حمل -
شمار : حمل - وعمل له مطبخ يطبخ عليه وهو محمول على الظهر ، وكان يطبخ فيه
والجمل سائر فلا يصل إلى المنزلة إلا وقد تهيأ الطعام ، وحمل له من ماء النيل ماء ،
شربه مدة سفره ومقامه وعوده هو وجماعة ممن معه ، وحملت الخراف المسمنة
المعلوفة في المحاير على الجمال وهي تعلف وتسقى في طول الطريق في ذهابه
ومقامه وعوده ، وضحى منها بمنى ، ولما عزم على الرحيل أمر نائبه الأمير سيف الدين
أرغون بالمقام بقلعة الجبل ورسم لمن تأخر من الأمراء أن يتوجهوا إلى نواحي

الصفحة 234