كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 32)

"""""" صفحة رقم 240 """"""
الزاهد وصحبتهم جماعة من الناس ، فتوجهوا إليه في البحر والبر حتى انتهوا إلى
مدينة فاس واجتمعوا به وسألوه إغاثة المسلمين وإعانتهم فتقاعد عن نصرتهم
واستصعب هذا الأمر فعادوا عنه وقد أيسوا من نصره فلجأ المسلمون إلى الله تعالى
وأخذوا في إصلاح الجزيرة الخضراء وتحصينها واتصل خبر تقاعد المريني بالفرنج
فاستبشروا بذلك وتحققوا أنهم يملكوا البلاد ويستأصلون المسلمين ، وقدموا في
جيوش عظيمة اشتملت على خمسة وعشرين ملكا منهم صاحب أشبونة وقشتالة
والفرنتيرة ، وأرغونة وطلبيرة ووصلت إليهم الأثقال والمجانيق وآلات الحصار
والأقوات في المراكب التي جهزوها وانتهت المراكب بذلك إلى جبل الفتح وطريف
لمجاورتهما للجزيرة الخضراء ووصل إلى الزقاق ثلاث عشرة جفنا كبار غزوانية
وترددوا بين الجزيرة والمرية ووصلت جموع الفرنج إلى أغرناطة ونزلوا منها على
عشرة أميال بموضع يقال له قنطرة بينوش بالقرب من جبل البيرة فامتلأت بهم تلك
الأرض وامتدت جيوشهم في طول وادي شنيل ولم يكن لهم بد من النزول على
الوادي بطوله بسبب الماء ولما علم المسلمون بوصولهم إلى هذا المكان عزم أمير
المسلمين على أمير جيشه الشيخ الصالح أبي سعيد عثمان بن أبي العلاء أن يخرج
إليهم بأنجاد المسلمين وشجعانهم في صبيحة يوم الاثنين الخامس عشر من شهر ربيع
الآخر سنة تسع عشرة وسبعمائة فتأهب الناس لذلك في الأحد .
ولما كان في عشية يوم الأحد أغارت سرية من العدو على ضيعة من ضياع
السلطان القريبة من البلد فخرج إليهم جماعة من فرسان الأندلس الرماة المعروفين
برماة الديار فقطعوهم عن الجيش وفروا أمامهم بجهة أرض المسلمين فتبعوهم طول
الليل وأصبحوا بأرض لوشة فاستأصلهم المسلمون بالقتل والأسر ، وكان ذلك أول
النصر وأصبح المسلمون في يوم الاثنين وقد غاب من جمعهم هذه الطائفة المشهورة
بالشجاعة والرمي ، فلم يتوقف الشيخ أبو سعيد عن لقاء العدو بسبب غيبتهم وعزم
على الخروج لقتالهم ، وذلك يوم عيدهم عيد العنصرة وهو الرابع عشرين من
حزيران ، فخرج إليهم في طائفة يسيرة من الفرسان مع أبناء أخيه وهما الشيخان
الشقيقان أبو يحيى وأبو معروف أمير جيش مالقة ابنا الشيخ الشهيد أبي محمد
عبد الله بن أبي العلاء ومنهم أخوهم الشيخ أبو عامر خالد أمير جيش رنده ومنهم
الشيخ العارف أبو مسعود محمد بن الثابتي ومنهم أمير جيش الخضرا ، الشيخ
المرابط أبو عطية مناف بن ثابت المغراوي وأمير لوشه والشيخ أبو المكارم ريان بن
عبد المؤمن ولكل واحد من هؤلاء أولاد وأتباع ، وأمر مطاع ، وخرج مع هؤلاء

الصفحة 240