كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 32)
"""""" صفحة رقم 242 """"""
كان سبعين قنطارا ولم يظهر سوى ربع هذا المقدار وأما الدواب والعدد والأخبية
فشيء كثير .
قال ولقد عزم على بيع ما يحصل من ذلك وقسمته فتعذر ذلك ، واستمر البيع
في الأسرى وبعض الأسلاب والدواب ستة أشهر متوالية ولم يكمل قال وبعضها باق
إلى الآن وضجر الناس وملوا من كثرة البيع قال ونهاية عدد ما كان من فرسان
المسلمين في ذلك اليوم بعد رجوع الرماة مما كانوا فيه ألفان وخمسمائة ولم
يستشهد منهم غير أحد عشر رجلا ، منهم خالد بن عبد الله المذكور وعمر بن
باحرزت ، وكان من خيار المسلمين رحمه الله تعالى هذا آخر كلامه في هذا الفصل
وبعضه بمعناه .
وأخبرني من شهد هذه الوقعة كما زعم وظاهره غير متهم فإن عليه آثار الخير
أنه شاهد رجلا يقاتل العدو ويقتل منهم في هذه الوقعة قال فشبهته ببعض من أعرفه
فجعلت أحرضه على القتال ثم دنوت منه فلم أجده ذاك وشبهته بآخر فحرضته
كذلك فلما قربت منه نظر إلي وقال لست فلانا ولا فلانا النصر من عند الله ، ثم
غاب عني وفي هذا دلالة على أن الله تعالى أمد هذه الطائفة بالملائكة في هذه
الغزاة ، فإن القدرة البشرية تضعف عن مقاومة هذه الجموع الكثيرة بهذه الطائفة
اليسيرة .
وقد ورد كتاب إلى الديار المصرية من أغرناطة من جهة الشيخ حسين بن
عبد السلام تضمن من خبر هذه الغزاة أنه قال جاء دون بطرا وجوان وهما ملكا قشتالة
جيّشا جيشا هائلا ما رأى المسلمون قط مثله ، وعزموا على دخول أغرناطة فأول
نزولهم على حصن يقال له طشكر وفيه صاحبه ابن حمدون فلما نازلوه بعث إليهم
صاحب الحصن في تسليمه على إبقاء المسلمين فأجاب ملك الروم إلى ذلك واستقر
أن يسكن المسلمون والروم في الحصن فواعدهم صاحب الحصن أن يبعثوا إليه في
نصف الليل خمسمائة فارس من الشجعان فبعثهم الملك إليه مع قائد يقال له أرمند
فلما دخلوا الحصن فرقهم صاحب المجالس وقتلهم عن آخرهم ولم يشعر بعضهم
ببعض فلما علم ملك الروم أنه عذر بهم حلف أن لا يرجع إلى بلاده حتى يدخل
مدينة أغرناطة غلبة وقهرا فنازلها بمن معه على أربعة أميال منها فلم يخرج إليه أحد ثم
تقرب حتى صار منها على ميلين فلما رأى المسلمون قربه من المدينة وقع في نفوسهم
رعب عظيم وتضرعوا إلى الله تعالى ، فلما رأى سلطان البلد ما نزل بالمسلمين بعث
إلى ملك الفرنج يقول له : ارحل عني بأجنادك وأنا أعطيك عشرين حملا من المال