كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 32)

"""""" صفحة رقم 247 """"""
له مطعن في الشهود يدفع به شهادتهم ؟ وأمهله ثلاثة أيام أولها يوم الجمعة الثالث
والعشرون من صفر فلما انقضى الأجل جلس قاضي القضاة تقي الدين المالكي ونائبه
القاضي علاء الدين الجوجراي المذكور ، وغيره من نواب الحكم ، وجماعة من فقهاء
المالكية وغيرهم بالمدرسة الناصرية بالقاهرة فلما صلوا المغرب ودخلت ليلة الاثنين
وانقضت مدة الإعذار ولم يأت يدافع حكم عليه النائب بما ثبت عليه عنده من أمره
وأشهد عليه أنه هدر دمه ونفذ قاضي القضاة تقي الدين المالكي المذكور ما حكم به
نائبه وحكم به ، وكان هذا الرجل قد حكى عنه كلام كثير منه ما ثبت بمقتضى
المحضر ومنه ما شاع مما تنزه كتابنا عن ذكره وأخبرني الشيخ زين الدين أبو بكر بن
الفرج الهيثمي في يوم الأحد لخمس بقين من صفر سنة عشرين وسبعمائة قال : رأيت
في الليلة المسفرة عن هذا اليوم رسول الله [ ] وكأنه بجامع الحاكم في صحنه مما
يلي الدرابزين من الجهة القبلية ومعه لوط عليهما السلام وهما قائمان فسلمت عليهما
فردوا عليّ السلام فقال رسول الله [ ] قل لتقي الدين بن الإخنائي بقتل هذا أما
سمعت ما قال أو ما سمع ما قال الشك من الراوي في سيدنا رسول الله [ ] لوط
وكان قد ذكر عن هذا الزنديق في حق لوط عليه السلام كلام شنيع ، وقال لي الراوي
وغيره ممن أثق بهم إنهم في تلك الليلة كانوا قد ذكروا عن هذا الرجل ما وقع فيه ،
فلما نام رأى هذه الرؤيا وقصها على قاضي القضاة تقي الدين وأبلغه رسالة رسول
الله [ ] وكان ذلك اليوم آخر أيام الإعذار فهدر دمه كما تقدم فلما كان في يوم الاثنين
السادس والعشرين من صفر اجتمع القضاة بدار العدل في مجلس السلطان على العادة
وطولع السلطان بما حكم به من هدر دم إسماعيل المذكور ، وكان قد طولع قبل ذلك
بخبره فسأل السلطان من الشهود الذين شهدوا عليه ؟ وكان بعض الناس قد أراد
الاعتناء به فلم يفده ذلك وقال قضاة القضاة بأجمعهم للسلطان ، هذا لا بد من قتله
إسنادا لحكم الحاكم فأمر السلطان متولي القاهرة يومئذ وهو الأمير علم الدين سنجر
الخازن بالركوب في صحبة القضاة وامتثال ما يأمرونه به في أمره فاجتمع قضاة القضاة
الأربعة وغيرهم من النواب والعلماء في المدرسة الصالحية بالإيوان المرصد للمالكية
واتفقوا على ضرب عنقه فراجع متولي القاهرة السلطان في ذلك ، فأمره بتنفيذ ما أمر
به القضاة ، فضرب عنقه بعد صلاة العصر من يوم الاثنين وعرض عليه قبل ذلك أن
يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله لعل ذلك ينفعه فيما بينه وبين الله تعالى
إن أخلص فلم يقل ذلك وشرع يخلط في كلامه ويذكر ألفاظا غير مستقيمة وظن أن
ذلك التخليط ينفعه أو يشكل على القضاة بزوال عقله فيؤخروه ، فلم يفده ذلك

الصفحة 247