كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 32)

"""""" صفحة رقم 248 """"""
وضربت عنقه كما تقدم وألقيت جثته ورأسه بين القصرين إلى بعد المغرب من يوم
مقتله ، ثم حمل أعاذنا الله مما قال بمنه وبكرمه .
ذكر قتل رجل ادعى النبوة بدمشق
وفي هذه السنة ادعى رجل بدمشق اسمه أقجبا رومي الجنس ، من مماليك
الأمير ركن الدين بيبرس التاجي أنه نبي وتسمى عبد الله وكان قبل ذلك يلازم
الجامع بدمشق ويكثر من تلاوة القرآن فادعى ذلك وأصر عليه ورجع فلم يرجع
وخوف بالقتل فلم يفد ذلك فاعتقد أولياء الأمر أن يكون قال هذا القول من حاجة
مسته أو فاقة ، فوعد بإزالة ضرورته وأن يرتب له كفايته ، فأبى قبول ذلك وأصر على
دعواه فضربت عنقه بظاهر دمشق في يوم الاثنين الخامس والعشرين من شهر ربيع
الأول .
ذكر تجريد طائفة من العسكر إلى مكة شرفها الله تعالى
وخبر مقتل حميضة بن أبي نمي
كان السلطان لما كان بمكة شرفها الله تعالى سأله المجاوزون بمكة ومن بها من
التجار أن يخلف بها عسكرا يمنع عز الدين حميضة بن أبي نمي إن هو قصد أهل مكة
بسوء ، فجرد ممن كان معه الأمير شمس الدين آق سنقر ومعه ، مائة فارس فأقام بمكة
فلما عاد السلطان إلى قلعة الجبل جرد الأمير سيف الدين بيبرس الحاجب كان وهو
من الأمراء مقدمي الألوف ببعض عدته وجرد معه جماعة من المماليك السلطانية ،
فكانت عدة من توجه معه مائة فارس وخرج من القاهرة في يوم الأربعاء السادس من
شهر ربيع الأول من هذه السنة ووصل إلى مكة شرفها الله تعالى ، وأقام بها ومنع
أهلها من حمل السلاح السكين فما فوقها وبعث إلى الأمير عز الدين حميضة وكان
بقرب نخلة تستميله إلى مراجعة الطاعة والتوجه إلى الأبواب السلطانية فسأل رهينة
عنده من أولاد الأمير ركن الدين تكون عند أهله ويحضر فأجاب الأمير ركن الدين إلى
ذلك وجهز أحد أولاده ، وهو الأمير علي وجهز معه هدية لحميضة ولم يبق إلا أن
يتوجه فأتاه في ذلك اليوم رجل من العرب وأخبره بقتل حميضة فأنكر وقوع ذلك
وظن أن ذلك مكيدة لأمر ما ، لكنه توقف عن إرسال ولده حتى يتبين له الحال ، فلما
كان في مساء ذلك اليوم طرق باب المعلى بمكة ففتح فإذا مملوك اسمه أسندمر ، وهو
أحد المماليك الثلاثة الذين كانوا قد التحقوا بحميضة من مماليك الأمراء كما تقدم
وهو راكب حجرة حميضة التي تسمى جمعة وكان السلطان قد طلبها من حميضة فشح

الصفحة 248