كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 32)
"""""" صفحة رقم 249 """"""
بإرسالها وأخبر أنه قتل حميضة غيلة وهو نائم ، وجرد سيفه فإذا به أثر الدم وذلك في
جمادى الآخرة فأرسل الأمير ركن الدين ولديه ناصر الدين محمد وشهاب الدين أحمد
إلى الأبواب السلطانية بهذا الخبر فوصلا إلى السلطان فأنعم عليهما وجهزا الأمير ركن
الدين من توجه لإحضار سلب حميضة والمملوكين اللذين بقيا فأحضر السلب وأخذا
المملوكين وقيل إن الثالث مات وهو مملوك الأمير سيف الدين بكتمر الساقي فألزم
صاحب نخلة بإحضاره وتوعده إن تأخر فأحضره واستمر الأمير ركن الدين بمكة إلى
أن عاد الجواب السلطاني بطلبه ، فتوجه من مكة - شرفها الله تعالى - في مستهل
شعبان وصحبته المماليك الثلاثة الذين كانوا قد هربوا ، وكان وصوله إلى الأبواب
السلطانية في العشر الأول من شهر رمضان ، ولما وصل شمله الإنعام والتشريف ،
وأمر السلطان بقتل أسندمر قاتل حميضه قودا به في شوال من السنة .
ذكر تجريد جماعة من العساكر الشامية
إلى بلاد سيس ورجوعهم
وفي هذه السنة أمر السلطان بتجريد العساكر من الشام والسواحل ، فجرد
جماعة من دمشق وهم الأمير سيف الدين جوبان المنصوري ، والأمير سيف الدين
بكتوت القرماني ، والأمير بدر الدين بكتوت الشمسي ومضافيهم والمقدم عليهم
جوبان المذكور وتوجهوا في يوم الاثنين السادس والعشرين من شهر رجب وجرد
العساكر بجملتها والعسكر الصفدي وبعض العساكر الحلبية وتوجهوا إلى جهة سيس
والمقدم على سائر العساكر الأمير شهاب الدين قرطاي نائب السلطنة بالمملكة
الطرابلسية .
وسبب ذلك أن الهدنة التي كانت بين السلطان وبين صاحب سيس انقضت فسأل
صاحب سيس تجديد هدنته على ما كانت عليه فامتنع السلطان من ذلك وطلب منهم
عدة قلاع كانت قد أحدثت في الأيام المنصورية الحسامية كما تقدم فتوقفوا في
إعطائها ثم بذلوا بعضها فلم يوافق السلطان على ذلك ، وجرد هذه العساكر ، ودخلوا
إلى بلاد سيس ، ولما وصلوا إلى نهر جان وأرادوا قطعه غرق من العساكر نحو ألف
فارس أكثرهم من عسكر طرابلس والتركمان ، ثم دخل العسكر وأغاروا وشعثوا وأقاموا
ببلاد سيس سبعة عشر يوما ، ثم خرج العسكر وأقام بسليمة ثم رسم السلطان لهم أن
يسوقوا خلف العرب حتى يخرجوهم من المملكة الشامية ، ومات في هذه السفرة من
الجيش المجرد من دمشق الأمير بدر الدين بكتوت الشمسي ، وكانت وفاته بحلب ،
ولم يدخل إلى سيس لمرضه رحمه الله تعالى .