كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 32)

"""""" صفحة رقم 250 """"""
ذكر وصول الخاتون دلنبية
وقيل فيها طولونية ابنة وبناء السلطان الناصر بها
كان السلطان الملك الناصر قد خطب إلى الملك أزبك بن طغولجا بن
منكوتمر بن طغان بن باطوخان بن دوشي خان بن جنكزخان ملك البلاد الشمالية من
تكون الذرية الجنكيزخانية ، وجهز إليه الأمير علاء الدين أيدغدي الخوارزمي وغيره
كما تقدم في سنة ست عشرة وسبعمائة ، فلما عرضت كتب السلطان على الملك أزبك
قال الترجمان للرسول لما أراد أن يتكلم بالمشافهة : إن القاضي يعني الملك أزبك
يقول إن كان في مشافهتك غير السلام فخاطب به الأمراء ، ثم جمعت الأمراء مقدمي
التمانات ، وهم سبعون أميرا ، فكلمهم الرسول في ذلك فنفروا منه ، وقالوا هذا لم يقع
مثله فيما تقدم من حين ظهور جنكزخان وإلى هذا الوقت . وفي مقابلة ماذا تجهز ابنة
ملك من الذرية الجنكزخانية إلى الديار المصرية ، وتقطع سبعة بحور ؟ ونحو هذا من
الكلام ، ولم يوافقوا على ذلك في أول يوم ، ثم اجتمعوا في يوم آخر بعد أن وصلت
إليهم هداياهم التي جهزها السلطان إليهم وأعيد الحديث في ذلك فأجابوا إليه
وسهلوه ، وقالوا : ما زالت الملوك تخطب إلى الملوك . وملك مصر ملك عظيم يتعين
إجابته إلى ما طلب إلا أن هذا الأمر لا يكون إلا بعد أربع سنين سنة كلام ، وسنة
خطبة ، وسنة مهاداة ، وسنة زواج ، واشتطوا في طلب المهر والشروط فلما اتصل ذلك
بالسلطان فرجع عن الخطبة والحديث فيها وتكررت رسله إلى الملك أزبك ورسل
الملك أزبك إليه والسلطان لا يذكر أمر الخطبة ولا تتضمن رسائله غير السلام والمودة
على العادة ، ثم توجه الأمير سيف الدين أطرجي من جهة السلطان إلى الملك أزبك
بالهدايا والتحف وخلعة سلطانية مزركشة مكللة فلبسها الملك أزبك ثم ابتدأ الأمير
سيف الدين أطرجي بذكر الزواج ، وقال : قد جهزت لأخي السلطان الملك الناصر ما
كان قد طلب ، وقد عينت له ابنة من البيت الجنكزخاني من نسل الملك بركة بن
باطوخان بن دوشي خان بن جنكزخان ، فقال أطرجي : إن السلطان لم يرسلني في هذا
الأمر ، وهذا أمر عظيم لو علم السلطان بوقوعه جهز لهذه الجهة المعظمة ما يليق وما
يصلح لها وأراد بذلك رفع الأمر إلى وقت آخر فقال الملك أزبك : أنا أرسلها إليه من
جهتي فما وسع الرسول إلا مقابلة أمره بالسمع والطاعة فلما استقر هذا الأمر قال
الملك أزبك للرسول : أحمل مهر هذه الجهة فاعتذر أنه لا مال معه . فقال : نحن نأمر

الصفحة 250